الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

ما حكم الحيوان المتولد من الكلب وغيره؟

513592

تاريخ النشر : 27-06-2024

المشاهدات : 2532

السؤال

ما الدليل من القرآن أو السنة أو أقوال السلف على أن الحيوان الناتج من تهجين الكلب مع الذئب يأخذ حكم الكلب في مسألة نقصان الأجر؟ أريد دليلا واضحا أو قولا معتبرا للسلف، وإذا وُجد قول لأحد السلف، فهل هناك إجماع عليه أم هناك خلاف؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

الحيوان المتولد من حيوانين أحدهما طاهر والآخر نجس، أو أحدهما مأكول والآخر غير مأكول، يعطى حكم أخسِّهما، فيكون نجسا في الأولى، ومحرمَ الأكل في الثانية، احتياطا للطهارة وللتحريم؛ لأن المتولد منهما اختلط فيه الحلال بالحرام، والطاهر بالنجس، على وجه لا يتميَّز فيه أحدهما عن الآخر؛ فلا يمكن اجتناب الحرام أو النجس إِلا باجتناب الحلال أو الطاهر، كما لو اختلط لبن بخمر، أو سمن بشحم خنزير.

وهذا ما عليه جمهور أهل العلم.

ونقل ذلك عن بعض السلف في "البغل" لأنه متولد من حمار وفرس.

روى عبد الرزاق في "المصنف" (5/ 540): "عَنْ جَابِرٍ قَالَ : كُنَّا نَأْكُلُ لُحُومَ الْخَيْلِ , فَأَمَّا الْبِغَالُ فَلَا ".

وروى "عَنْ عَطَاءٍ قَالَ : لَا تَأْكُلْ لُحُومَ الْبَغْلِ" انتهى.

وقال الشافعي رحمه الله: " ولو نزا حمار أهلي على فرس، أو فرس على أتان أهلية: لم يحل أكل ما نتج بينهما، لست أنظر في ذلك إلى أيهما النازي؛ لأن الولد منهما، فلا يحل حتى يكون لحمُهما معا حلالا .

وكل ما عُرِف فيه حمار أهلي، من قِبَل أب أو أم: لم يحل أكله بحال أبدا، ولا أكل نسله... وهكذا لو أن غرابا، أو ذكر حِدَأٍ، أو بُغاثا، تجثَّم حُبارى، أو ذكر حبارى أو طائر يحل لحمه، تجثم غرابا أو حدأ أو  صقرا أو ثيران، فباضت وأفرخت= لم يحل أكل فراخها من ذلك التجثم؛ لاختلاط المحرم والحلال فيه.

ألا ترى أن خمرا لو اختلطت بلبن، أو ودكَ خنزيرٍ بسمن، أو محرما بحلال، فصارا لا يزَّيَّل أحدهما من الآخر= حرم أن يكون مأكولا" انتهى من "الأم" (2/ 275).

وقال ابن قدامة رحمه الله: " والبغال حرام عند كل من حرم الحمر الأهلية؛ لأنها متولدة منها، والمتولد من الشيء له حكمه في التحريم.

وهكذا إن تولد من بين الإنسي والوحشي ولد، فهو محرم، تغليبا للتحريم.

والسِّمْع المتولد من بين الذئب والضبع، محرم. " انتهى من "المغني" (9/ 407).

وقال في "المغني" (1/ 35) : " والحيوان قسمان: نجس وطاهر.

فالنجس نوعان: أحدهما ما هو نجس، رواية واحدة، وهو الكلب، والخنزير، وما تولد منهما، أو من أحدهما، فهذا نجس، عينه، وسؤره، وجميع ما خرج منه " انتهى.

وقال الزركشي في "المنثور في القواعد" (1/ 351): "وكذا المتولد بين الكلب وغيره: يوجب التعفير؛ لأن النجاسة مبنية على الاحتياط" انتهى.

والتعفير أي غسل نجاسته سبعا مع التعفير بالتراب.

وقال الشيرازي رحمه الله  في المهذب: "وأما الخنزير فنجس، لأنه أسوأ حالا من الكلب، لأنه مندوب إلى قتله من غير ضرر فيه، ومنصوص على تحريمه، فإذا كان الكلب نجسا فالخنزير أولى.

وأما ما تولد منهما أو من أحدهما فنجس؛ لأنه مخلوق من نجس، فكان مثله" انتهى من "المجموع شرح المهذب" (2/ 568).

وقال الشربيني الخطيب : " ومَا تولد مِنْهُمَا: أَي من جنس كل مِنْهُمَا, أَو من أَحدهمَا مَعَ الآخر , أَو مَعَ غَيره من الْحَيَوَانَات الطاهرة، كالمتولد بَين ذِئْب وكلبة، فهو نجس تغليبا للنَّجَاسَة لتولده مِنْها " انتهى من " الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع "(1 / 92).

وقاعدة التغليب والاحتياط دلت عليها السنة، كما روى البخاري (5475)، ومسلم (1929) عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ فَاذْكُرِ اسْمَ اللهِ، فَإِنْ أَمْسَكَ عَلَيْكَ، فَأَدْرَكْتَهُ حَيًّا فَاذْبَحْهُ، وَإِنْ أَدْرَكْتَهُ قَدْ قَتَلَ، وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ فَكُلْهُ، وَإِنْ وَجَدْتَ مَعَ كَلْبِكَ كَلْبًا غَيْرَهُ، وَقَدْ قَتَلَ فَلَا تَأْكُلْ، فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي أَيُّهُمَا قَتَلَهُ .

والحاصل:

أن الحيوان المتولد بين كلب وحيوان طاهر، يحكم بنجاسته وتحريمه تغليبا للكلب.

فإذا تولد من كلب وذئب، فالذئب محرم الأكل اتفاقا، ونجس عند كثير من أهل العلم، فلا شك في نجاسة المتولد من كلب وذئب.

ثانيا:

أما تحريم اقتناء هذا المتولد من الكلب والذئب، والقول بأن اقتناءه ينقص الأجر كما هو الحال في اقتناء الكلب، فوجهه ظاهر وهو أنه جزء متولد من الكلب مع غيره، فيأخذ حكم الكلب.

وقد تقدم كلام الفقهاء في أنه يأخذ حكم الكلب في النجاسة.

وبين الغزالي رحمه الله أنه يأخذ حكم الكلب في تحريم بيعه.

قال رحمه الله: " وما يتولد من الكلب والخنزير، أو من أحدهما وحيوان طاهر، فله حكمهما في بطلان البيع " انتهى من " الوسيط في المذهب " (3 / 18).

وعليه؛ فيحرم شراء الحيوان المتولد من الذئب والكلبة المسمى بهاسكي، أو بيعه.

وإذا حكمنا بنجاسته، وتحريم بيعه، فالظاهر أنه يأخذ عامة أحكام الكلب، فيحرم اقتناؤه وينقص الأجر باقتنائه.

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب