الحمد لله.
لا حرج في بيع المنتجات المصنوعة من ال PVC لأن الأصل الإباحة؛ لعموم قوله تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا البقرة/29، وقال: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الأعراف/32.
قال ابن كثير رحمه الله: "يَقُولُ تَعَالَى رَدًّا عَلَى مَنْ حَرَّم شَيْئًا مِنَ الْمَآكِلِ أَوِ الْمَشَارِبِ، وَالْمَلَابِسِ، مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ، مِنْ غَيْرِ شَرْعٍ مِنَ اللَّهِ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ، لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ يُحَرِّمُونَ مَا يُحَرِّمُونَ بِآرَائِهِمُ الْفَاسِدَةِ وَابْتِدَاعِهِمْ: مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ [وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ] الْآيَةَ، أَيْ: هِيَ مَخْلُوقَةٌ لِمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَعَبَدَهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَإِنْ شَرَكَهُمْ فِيهَا الْكُفَّارُ حِسًّا فِي الدُّنْيَا، فَهِيَ لَهُمْ خَاصَّةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَا يَشْرَكهم فِيهَا أَحَدٌ مِنَ الْكُفَّارِ، فَإِنَّ الْجَنَّةَ مُحَرَّمَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ" انتهى من "تفسير ابن كثير" (3/ 408).
وروى الترمذي (1726)، وابن ماجه (3367) عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: "سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ السَّمْنِ وَالجُبْنِ وَالفِرَاءِ، فَقَالَ: الحَلَالُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، وَالحَرَامُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ مِمَّا عَفَا عَنْهُ والحديث حسنه الألباني في "صحيح الترمذي".
وقال ابن عباس رضي الله عنه: "كان أهل الجاهلية يأكلون أشياء ويتركون أشياء تقذرا، فبعث الله تعالى نبيه، وأنزل كتابه، وأحل حلاله، وحرم حرامه.
فما أحل فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وماسكت عنه فهو عفو. وتلا: (قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما) إلى آخر الآية" رواه أبو داود (3800)، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "من القواعد المقررة عند أهل العلم أن "الأصل في الأعيان والمنافع: الحل والإباحة، إلا ما قام الدليل على تحريمه.
وهذه القاعدة مستمدة من نصوص الكتاب، والسنة.
أما الكتاب: فمن قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعا).
وأما السنة فمن قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن الله تعالى فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدوداً فلا تعتدوها، وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها ".
وأخبر أن " ما سكت عنه فهو عفو " " انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (12/ 169).
فإذا ثبت أن في استعمال المنتج ضررا محققا، حرم بيعه؛ لقوله تعالى: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ البقرة/195.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا ضَرَرَ وَلا ضِرَارَ) رواه أحمد وابن ماجه (2341)، وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه".
غير أنه يفرق بين الضرر الكثير واليسير.
قال الأمين الشنقيطي رحمه الله: " الأعيان مثلا، لها ثلاث حالات:
1_ إما أن يكون فيها ضرر محض، ولا نفع فيها البتة، كالأعشاب السامة القاتلة.
2_ وإما أن يكون فيها نفع محض، ولا ضرر فيها أصلا.
3_ وإما أن يكون فيها نفع من جهة، وضرر من جهة، فإن كان فيها الضرر وحده، ولا نفع فيها، أو مساويا له: فهي حرام لقوله: لا ضرر ولا ضرار ، وإن كان نفعها خالصا لا ضرر معه، أو معه ضرر خفيف والنفع أرجح منه، فأظهر الأقوال الجواز" انتهى من "مذكرة أصول الفقه"، ص24.
ولم نقف على ما جاء في السؤال من أن هذه المادة تؤدي إلى السرطان، وهناك تحذير عام من استعمال المواد البلاستيكية في حافظات الطعام والأغذية والأحذية ونحو ذلك، لكن لا يمكن الجزم بالتحريم، إلا إذا كان الضرر كثيرا محققا.
وعليه؛ فالأصل جواز أن تبيع ما لديك من هذه المنتجات، ما لم يثبت أن فيها ضررا محققا كثيرا.
والله أعلم.
تعليق