السبت 23 ربيع الآخر 1446 - 26 اكتوبر 2024
العربية

وهب أحد أبنائه أرضا بشرط بناء مركز تحفيظ قرآن عليها، فهل تصح الهبة؟

525436

تاريخ النشر : 22-09-2024

المشاهدات : 492

السؤال

أبي يمتلك عددا من الأراضي، وقد وهبني قطعة أرض، بشرط أن أبني عليها مركزا لتحفيظ القرآن الكريم، ثم أبني فوقه بيتا لي، وقد عرضها على بعض إخوتي قبلي بنفس الشرط، ورفضوا، وقد بذلت جهدي، وحاولت بناءه، ولكنني لم أستطع؛ لعدم توفر القدرة المادية، وارتفاع كلف البناء.

فهل يمكن أن أنتظر حتى يرزقني الله تعالى، وأتمكن من إعمارها؟ أم يجب علي إعادتها للوالد، إن قبل بذلك؟

علما بأن أبي لم يعط إخوتي شيئا، وبعضهم كان في نفسه شيء من الحرج لذلك.

الجواب

الحمد لله.

يجب على الأب أن يعدل بين أولاده في العطية والهبة؛  لما روى البخاري (2586)، ومسلم (1623) عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلَامًا فَقَالَ: (أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ مِثْلَهُ) قَالَ لَا قَالَ: (فَارْجِعْهُ). ومعنى (نحلت ابني غلاما) أي أعطيته غلاما.

ورواه البخاري (2587) عَنْ عَامِرٍ قَالَ: ” سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: أَعْطَانِي أَبِي عَطِيَّةً فَقَالَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنِّي أَعْطَيْتُ ابْنِي مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً فَأَمَرَتْنِي أَنْ أُشْهِدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: (أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا؟) قَالَ: لَا قَالَ: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ) قَالَ فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ”.

وفي رواية للبخاري أيضا (2650): (لَا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ).

وإذا شرط الأب في الهبة أن يبني من أخذ الأرض مركزا للتحفيظ، فإن كان بناء المركز يساوي قيمة الأرض: فلا حرج حينئذ؛ لعدم وجود المحاباة لمن أخذها.

وإن كانت قيمة الأرض أعلى من تكلفة بناء المركز: كان الزائد هبة جائرة، فيلزمه أن يسترد قدر الزائد من الابن، أو يعوض بقية الأبناء فيعطيهم مثل هذا القدر.

قال ابن قدامة في “المغني” (6/ 51): ” فإن خص بعضهم بعطيته، أو فاضل بينهم فيها أثم، ووجبت عليه التسوية بأحد أمرين؛ إما رد ما فضل به البعض، وإما إتمام نصيب الآخر” انتهى.

وعليه: فإذا كانت قيمة الأرض أعلى من بناء المركز، وعلمت أن والدك لن يعوض إخوانك، لزمك رد الأرض؛ إنقاذا له من الظلم والجور، إلا أن تتفق معه على تعويض إخوانك عن القدر الزائد، ويرضى إخوانك بإمهالك في هذا التعويض.

وإذا لم يكن معك المال لبناء المركز الآن، فبادر برد الأرض، وذلك أن تكلفة البناء تتغير سريعا في هذه الأيام ، فلا تدري متى يمكنك البناء ؟

فتصحيح هذه المعاملة وإخراجها من الجور: إنما يكون بجعلها معاوضة، ثم العدل في الزائد إن وجد، وهذا يتوقف على معرفة قيمة الأرض، وتكلفة بناء المركز، ولابد من العلم بذلك لتصح المعاوضة.

وأيضا: فإذا لم يكن معك مال للبناء، فلا مزية لك على إخوتك، ولعلهم إذا وجدوا المال قبلوا هذا العرض، فبأي شيء تستحق الأرض مع تأخير البناء؟

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب