الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

تقوم على رعاية والدها المريض وتخشى أن يطول عمره!

528457

تاريخ النشر : 11-09-2024

المشاهدات : 1192

السؤال

عمري أربعون سنة، فتاة غير متزوجة، أهتم بوالدي المريض، وضعه لا يسمح لي السفر، أو حضور المناسابات، أو الخروج مطولا.
سؤالي:
ادعو الله تعالى بالفرج، علماً أني أقصد بالفرج: هو وفاة والدي، فأشعر بالذنب، أشعر بذنب أكبر على خوفي من أن يطول عمره، ويذهب العمر، أتوكل على الله تعالى، علماً أن المكتوب مكتوب، لكن أشعر إنني آثمة على رغبة داخلية بنزع هذا الحمل الثقيل عني، بموت والدي، فهل أنا آثمة؟

الجواب

الحمد لله.

إن قيامك على أمر والدك عمل عظيم، إذا احتسبتِ أجره عند الله، وهو سبب من أسباب سعة الرزق والبركة في العمر، فلا ينبغي أن تقلقي لذهاب عمرك.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ) رواه البخاري (5986)، ومسلم (2557).

قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (16/ 114): " ينسأ: أي يؤخر، والأثر الأجل، لأنه تابع للحياة في أثرها" انتهى.

وروى أحمد (21765)، والترمذي (1900)، وابن ماجه (2089) عن أبي الدرداء قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (الْوَالِدُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ فَإِنْ شِئْتَ فَأَضِعْ ذَلِكَ الْبَابَ أَوْ احْفَظْهُ) والحديث صححه الألباني في "صحيح الترمذي".

وروى الترمذي (1899) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (رِضَى الرَّبِّ فِي رِضَى الوَالِدِ، وَسَخَطُ الرَّبِّ فِي سَخَطِ الْوَالِدِ).

فينبغي أن تَطِيبِي نفسا بما تقومين به من هذا العمل الصالح، وأن تُرَجِّي من ورائه رضى الله تعالى، ودخولَ جنته، مع الرزق والبركة والحياة الطيبة، كما قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) النحل/97.

وتمني موت الوالد المريض ليس من البر والإحسان الذي أمرنا به، وفقد الوالد عظيم لا يشعر الإنسان به إلا عند وقوعه.

وطول عمر والدك مع المرض لا يلزم منه ضياع عمرك، ولا فقد شيء من رزقك، فإن رزقك مكتوب لن يفوتك منه شيء، فعظمي الإيمان بالقدَر، ليسهل عليك الصبر، كما قال تعالى: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ) الحديد/22- 23

وروى مسلم (2663) عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللهُمَّ أَمْتِعْنِي بِزَوْجِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِأَبِي أَبِي سُفْيَانَ، وَبِأَخِي مُعَاوِيَةَ قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (قَدْ سَأَلْتِ اللهَ لِآجَالٍ مَضْرُوبَةٍ، وَأَيَّامٍ مَعْدُودَةٍ، وَأَرْزَاقٍ مَقْسُومَةٍ، لَنْ يُعَجِّلَ شَيْئًا قَبْلَ حِلِّهِ، أَوْ يُؤَخِّرَ شَيْئًا عَنْ حِلِّهِ، وَلَوْ كُنْتِ سَأَلْتِ اللهَ أَنْ يُعِيذَكِ مِنْ عَذَابٍ فِي النَّارِ، أَوْ عَذَابٍ فِي الْقَبْرِ، كَانَ خَيْرًا وَأَفْضَلَ).

وقال صلى الله عليه وسلم: (إن رُوح القدس نفث في رُوعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنّ أحدَكم استبطاءُ الرزق أن يطلبه بمعصية الله فإن الله تعالى لا يُنال ما عنده إلا بطاعته) رواه أبو نعيم في الحلية، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم: 2085

ثم لماذا تتحجرين واسعا من رحمة الله، وتظنين ظن السوء؛ أنه لا فرج إلا بموت الوالد، وتتمنين ذلك؟!

أو ليس الله جل جلاله قادرا على أن يرزقك من حيث لا تحتسبين برزق واسع، ويمن عليك بزوج صالح، يعينك على ما أنت فيه من البر والصلة؟ بلى قادر سبحانه، وكم من الأزواج كانوا سببا في ذلك، وكانوا باب رحمة وتفريج كربات على الزوجة وأهلها!!

فالنصيحة لك أن تحتسبي ما تقومين به لتؤجري عليه، وأن تكثري من الدعاء لنفسك بالسعادة والزوج الصالح، والبر بوالدك، وقبول عملك، وبالشفاء لوالدك، والصحة والعافية، وأن يختم الله له بالحسنى.

واعلمي أن الدنيا دار ابتلاء واختبار، وأن الحياة الحقيقية في الآخرة، فالسعيد من يسعد هناك، والفائز من يزحزح عن النار، وقد أعطاك الله وسيلة لدخول جنته ونيل رضاه، فلا تزهدي فيها، ولا تتمني زوالها، ولا يضرك فقد شيء من متع الدنيا كالسفر، فإن نعيم الجنة لا يقارن بشيء مما في الدنيا.

ولا حرج في دعائك بالفرج، فإن الفرج قد يكون بشفاء والدك، أو بزواجك، ولا يلزم أن يكون بالموت.

نسأل الله أن يشفي والدك ويعافيه، وأن يمن عليك بالرضا والاحتساب، وأن يرزقك الزوج الصالح والذرية الصالحة.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب