الثلاثاء 4 جمادى الأولى 1446 - 5 نوفمبر 2024
العربية

هل يمكن التحلل من يمين بلفظ يقتضي التكرار؟

530112

تاريخ النشر : 26-09-2024

المشاهدات : 658

السؤال

كنت قد أقسمت يمينا أن أبتعد عن الغيبة طالما أذكر هذا القسم، وكنت قد حنثت، وأخرجت الكفارة، لكن اكتشفت أن هذه يمين تقتضي التكرار، رغم أني لا أذكر نيتي، فقررت أن أخذ بالأحوط، ولكن الآن لم أعد أستطيع التمييز بين ما هو غيبة أم لا، وقد كثرت علي الكفارة، وصرت أريد أن أتحلل من هذا القسم، واجتنب الغيبة ما استطعت دون كفارة، وحين بحثت وجدت أن رأي الحنفية يمكنني من ذلك، لكنني أريد التأكد، أرجو الإفادة من فضلكم، فقد تعسر علي الأمر، أريد التوضيح إنني لا أفعل هذا حتى أتمادى في الغيبة، إنما أفعله لأجد شعورا بالراحة النفسية، بعدما أصبحت أشعر أن على ذمتي الكثير، وقد وجدت سؤالا مشابها في موقعكم، لكنني لم أفهم جيدا، لذا أفيدوني.

الجواب

الحمد لله.

أولا:

إذا حلف الإنسان بلفظ يقتضي التكرار نحو: والله كلما قابلتك سلمت عليك، أو والله مهما قابلتك سلمت عليك، فإنه كما حنث تكررت عليه الكفارة.

قال القرافي : " وَإِذا أَتَى بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى التَّكْرَارِ، تَكَرَّرَتِ الْكَفَّارَةُ نَحْوَ: كُلَّمَا ، أَوْ مَتَى ، وَإِلَّا فَلَا تَتَكَرَّرُ إِلَّا أَنْ يَظْهَرَ ذَلِكَ مِنْ قَصْدِ الْحَالِفِ". انتهى من "الذخيرة" (4/ 17) .
وقال شمس الدين الرملي : " وتَتَعَدَّدُ أَيْضًا – أي الكفارة – فِيمَا إذَا قَالَ: وَاَللَّهِ كُلَّمَا مَرَرْت عَلَيْك لَأُسَلِّمَنَّ عَلَيْك" . انتهى ، "نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج" (8/ 181) "

وإذا لم يكن اللفظ يقتضي التكرار، كإن فعلت، أو لا أفعل كذا، فإنه إذا حنث، انحلت يمينه، وتلزمه كفارة واحدة.

قال ابن قدامة، رحمه الله: " وليس ‌في ‌هذه ‌الحروف ‌[أي: أدوات الشرط] ما ‌يقتضي ‌التكرار إلا كلما ..". انتهى، من "المغني" (7/447).

فإذا كنت حلفت: أن تبتعدي عن الغيبة ، كأن قلت: والله لأبتعدن عن الغيبة طالما كنت ذاكرة للقسم، فهذا لا يفيد التكرار إلا إن قصدت تكرار الكفارة بالحنث.

ثانيا:

إذا كان اللفظ يفيد التكرار، وحنث الإنسان مرات، ترتبت عليه كفارات بعدد الحنث، وتكفيه كفارة واحدة لما مضى، لكن لا تنحل يمينه، فإن حنث بعد ذلك لزمته كفارة أخرى.

قال ابن قدامة في "المقنع"، ص 464: " ومن كرر أيمانا قبل التكفير فعليه كفارة واحدة" انتهى.

وعليه؛ فتجزئك كفارة واحدة عما مضى، ثم عليك أن تحفظي يمينك فلا تحنثي، فإن حنثت فعليك الكفارة.

وإذا لم يكن اللفظ يفيد التكرار، ولم يكن ذلك في نيتك؛ فإذا حنثت، لزمك كفارة، وتنحل اليمين بذلك.

 

ثالثا:

لم نقف على من قال، إن الحلف بلفظ يقتضي التكرار، يمكن أن ينحل.

قال في "البناية شرح الهداية" (5/ 418) وهو حنفي: "(قال) أي القدوري – رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: : (ففي هذه الألفاظ: إذا وجد الشرط انحلت اليمين، وانتهت؛ لأنها) – أي لأن هذه الألفاظ، أي: إنْ وما ذُكر معها- (غير مقتضية للعموم والتكرار لغة، فبوجود الفعل مرة: يتم الشرط، ولا بقاء لليمين بدونه) أي بدون الشرط، وذلك لأن اليمين تعليق جزاء معدوم، والشرط إذا انتهى – بوجوده مرة، لعدم دلالة اللفظ على التكرار- : لا يبقى اليمين، لا محالة؛ (إلا في كلمة "كلما"، فإنها تقتضي عموم الأفعال. قال الله تعالى: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ} [النساء: 56] … الآية (النساء: الآية 56) ، (ومن ضرورة التعميم: التكرار) بخلاف سائر ألفاظ الشرط، فإنها تدل على جنس الفعل لا التكرار، وجنس الفعل يتحقق في المرة الواحدة، فإذا وجد الفعل مرة انحلت اليمين، ولا يقع الجزاء إذا وجد الفعل ثانياً لارتفاع اليمين" انتهى.

وينظر: "حاشية ابن عابدين" (3/ 352).

وما نقلناه عن ابن نجيم الحنفي في جواب السؤال رقم: (463593) ليس فيمن حلف بلفظ يفيد التكرار.

والحاصل:

أن يمينك لا تفيد التكرار لعدم استعمالك: كلما، أو مهما، إلا إن كنت قصدت التكرار.

فإذا لم تقصدي التكرار فكفري كفارة واحدة، وقد انحلت يمينك بالحنث.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب