الحمد لله.
أولا:
يحرم الدخول في الرهان ولو كان بنية إعطاء الزائد للفقراء أو للمرضى؛ لأن القمار محرم، والمحرم لا يباح لمثل هذا، وإلا لأبحنا المعاملات المحرمة لأخذ أرباحها وإعطائها الفقراء، وهذا لا يقوله أحد. وقد أمر النبي صلى الله عليه بإراقة خمر كانت لأيتام، ولم يجز تحويلها إلى خل، فضلا عن بيعها لليهود ونحوهم.
روى أبو داود (3645) والترمذي (1293) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: ” أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ، سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَيْتَامٍ وَرِثُوا خَمْرًا، قَالَ: (أَهْرِقْهَا) قَالَ: أَفَلَا أَجْعَلُهَا خَلًّا؟ قَالَ: (لَا). والحديث صححه الألباني.
قال الخطابي رحمه الله: “في هذا بيان واضح أن معالجة الخمر حتى تصير خلاً غير جائز، ولو كان إلى ذلك سبيل لكان مال اليتيم أولى الأموال به؛ لما يجب من حفظه وتثميره والحيطة عليه، وقد كان نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال، وفي إراقته إضاعته، فعلم بذلك أن معالجته لا تطهّره ولا ترده إلى المالية بحال” انتهى من “معالم السنن” (4/ 263).
وفي تحريم القمار قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) المائدة/90 .
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: ” أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ، سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَيْتَامٍ وَرِثُوا خَمْرًا، قَالَ: (أَهْرِقْهَا) قَالَ: أَفَلَا أَجْعَلُهَا خَلًّا؟ قَالَ: (لَا).
قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله: ” (الكبيرة الثالثة والأربعون بعد الأربعمائة: القمار، سواء كان مستقلا، أو مقترنا بلعب مكروه كالشطرنج، أو محرم كالنرد) … والميسر القمار بأي نوع كان، وسبب النهي عنه وتعظيم أمره: أنه من أكل أموال الناس بالباطل الذي نهى الله عنه بقوله تعالى: {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} [البقرة: 188]، أيضا فهو داخل في قوله صلى الله عليه وسلم: «إن رجالا يتخوضون في مال الغير بغير حق فلهم النار». وروى البخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال: «من قال لصاحبه تعال أقامرك فليتصدق»، فإذا اقتضى مطلق القول طلبَ الكفارة والصدقة المنبئة عن عظيم ما وجبت أو سنت، فما ظنك بالفعل والمباشرة؟ ” انتهى من “الزواجر عن اقتراف الكبائر” (2/ 328).
فالواجب أن تتوب إلى الله تعالى مما فعلت، وأن تعزم على أن لا تعود لمثله أبدا.
ثانيا:
أما مالك فقد خسرته في القمار.
وأما المال الذي معك الآن فقد كسبته من القمار، فهو سحت محرم.
والواجب عليك التخلص منه بإعطائه الفقراء والمساكين أو صرفه في المصالح العامة، إلا في حالتين:
الأولى: أن تكون جاهلا بالتحريم، تظن أنه يباح لك أن تقامر لتستعيد مالك، فلك أخذ المال؛ لقوله تعالى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ) البقرة/ آية 275.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ” وأما الذي لا ريب فيه عندنا فهو: ما قبضه بتأويل أو جهل، فهنا له ما سلف، بلا ريب، كما دل عليه الكتاب والسنة والاعتبار” انتهى من “تفسير آيات أشكلت على كثير من العلماء” (2/ 592).
وقال الشيخ العثيمين رحمه الله: ” إذا كان لا يعلم أن هذا حرام، فله كل ما أخذ وليس عليه شيء، أو أنه اغتر بفتوى عالم أنه ليس بحرام فلا يخرج شيئاً، وقد قال الله تعالى: (فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ) انتهى من “اللقاء الشهري” (67/ 19).
الثانية: أن تكون محتاجا للمال، فيجوز أن تأخذ منه قدر حاجتك.
وينظر: جواب السؤال رقم: (219679).
والله أعلم.
تعليق