أولاً:
إذا كانت البواسير خارجية فالخارج منها ليس نجساً وليس ناقضاً للوضوء.
وإن كانت داخلية وكان السائل يخرج من داخل الدبر فإن الخارج نجس وناقض للوضوء، وإن كان مستمرّاً فيتوضأ – على قول جمهور العلماء – بعد دخول الوقت، ويكون حكمه حكم سلس البول والمستحاضة. وقد سبق بيان ذلك مفصلا فيرجع إليه: (94402).
ثانياً:
إذا كان هذا السائل الخارج من الدبر يتوقف لزمن يمكن معه الصلاة في الوقت، فقد ذهب جمع من أهل العلم إلى أنه يصلي في وقت انقطاعه، ولو فاتته الجماعة، وعدوه عذرا عن التخلف عن الجماعة.
قال البهوتي رحمه الله:
"ويصلي دائم الحدث عقب طهره ندبا، وإن اعتيد انقطاعه - أي الحدث الدائم- زمنا يتسع للفعل -أي الصلاة والطهارة لها-: تعين فعل المفروضة فيه، لأنه قد أمكنه الإتيان بها على وجه لا عذر معه ولا ضرورة. فتعين؛ كمن لا عذر له" انتهى من "شرح منتهى الإرادات" (1/121).
وقال شيخُ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله:
"وأمَّا مَن به سَلَسُ البول - وهو أن يَجْرِيَ بغير اختياره لا يَنقَطِعُ - فهذا يتخذ حِفاظًا يمنعه.
فإن كان البولُ يَنقَطِع مِقدارَ ما يتطهَّر ويُصلِّي [=يعني: فإنه ينتظر وقت انقطاعه، ويصلي بطهارة كاملة].
وإلا؛ صلَّى، وإنْ جرى البولُ - كالمستحاضة - تتوضأ لكل صلاة... وأمَّا مَن به سلس البول - وهو أن يَجْرِيَ بغير اختياره لا ينقطع - فهذا يتخذ حفاظًا يمنعه.
فإن كان البولُ ينقطع مقدارَ ما يَتَطهَّر ويُصلي؛ وإلا صلى، وإن جرى البول؛ كالمستحاضة تتوضأ لكل صلاة" انتهى من في "مجموع الفتاوى"(21/106).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "
"إذا كان رجل معه سلس بول لا ينقطع، أو ينقطع في وقت غير محدد: فكيف يصنع إذا دخل وقت الصلاة؟ ولو كان يعتاد أنه يتوقف في آخر الوقت في وقت يتمكن من الوضوء والصلاة هل نقول آخر الصلاة أو صل في أول الوقت؟ نقول: أخر وجوبا؛ لأن تقديم الصلاة في أول وقتها على سبيل الأفضلية؛ ولهذا قال الفقهاء: وإن اعتيد انقطاعه زمنا يتسع فيه للفعل: تعين أن يؤخر الصلاة إلى هذا الوقت" انتهى من "فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام" (1/ 248).
والذي يظهر من حالك:
أن الحدث ينقطع وقتا، بعد طهارتك، يمكنك أن تؤدي الصلاة فيه متطهرا، لكن المشي هو الذي يؤثر في نزول الخارج.
وهنا، فالحال الملائم لك: أن تتحفظ عند خروجك من البيت، ليئلا يلوث الخارج بدنك، وثيابك، ثم تجعل طهارتك في المسجد، وعامة المساجد فيها حمامات ومواضئ؛ فبهذا تحافظ على طهارتك، وتحافظ أيضا على صلاة الجماعة.
ثالثاً:
أما صلاة الجمعة: فمن كان ينقطع حدثه لوقت يسير، يمكنه به أداء الصلاة -كحال السائل- فإن أمكنه أن يكون ذلك الوقت هو وقت الخطبة والصلاة، بحيث يتطهر قرب ذلك الوقت ويحضرها على تلك الطهارة.
وإذا فعلنا ما ذكرناه آنفا، من التحفظ عند الخروج من المنزل، ثم الطهارة في المسجد، ليكون أقرب من وقت الخطبة والصلاة، وبعد المشيء الذي يؤثر في خروج الخارج: سهل عليه الأمر، إن شاء الله.
وإن تعذر ذلك: فإنه يتحفظ ويتوضأ ويحضر الجمعة، ولا يضره ما خرج من الحدث .
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"عن رجل يصلي الخمس لا يقطعها، ولم يحضر صلاة الجمعة؛ وذكر أن عدم حضوره لها أنه يجد ريحا في جوفه تمنعه عن انتظار الجمعة، فهل العذر الذي ذكره كاف في ترك الجمعة مع قرب منزله؟
فأجاب: بل عليه أن يشهد الجمعة، ويتأخر، بحيث يحضر ويصلي مع بقاء وضوئه.
وإن كان لا يمكنه الحضور إلا مع خروج الريح: فليشهدها، وإن خرجت منه الريح؛ فإنه لا يضره ذلك" انتهى من "تقريب فتاوى ابن تيمية" (3/ 360).
والله أعلم