عدة الصغيرة التي لا تحيض، والآيسة: ثلاثة أشهر؛ لقوله تعالى: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ الطلاق/4.
فإن بدأت عدتها بالأشهر، ثم حاضت، فإنها تستأنف العدة؛ أي تلغي المدة التي احتسبتها بالأشهر؛ ثم تعتد بثلاث حيضات، باتفاق الفقهاء.
قال ابن قدامة رحمه الله: "الصغيرة التي لم تحض، أو البالغ التي لم تحض، إذا اعتدت بالشهور، فحاضت قبل انقضاء عدتها، ولو بساعة: لزمها استئنافُ العدة، في قول عامة علماء الأمصار، منهم سعيد بن المسيب والحسن ومجاهد وقتادة والشعبي والنخعي والزهري والثوري ومالك والشافعي وإسحاق وأبو عبيد وأصحاب الرأي وأهل المدينة، وأهل البصرة.
وذلك لأن الشهور بدلٌ عن الحيض، فإذا وجد المبدَل، بطل حكم البدل، كالتيمم مع الماء.
ويلزمها أن تعتد بثلاث حِيَض، إن قلنا: القروء الحيض. وإن قلنا: القروء الأطهار؛ فهل تعتد بما مضى من الطهر قبل الحيض قرءا؟ فيه وجهان: أحدهما: تعتد به؛ لأنه طهر، انتقلت منه إلى حيض، فأشبه الطهر بين الحيضتين.
والثاني: لا تعتد به. وهو ظاهر كلام الشافعي؛ لأن القرء هو الطهر بين حيضتين، وهذا لم يتقدمه حيض، فلم يكن قرءا.
فأما إن انقضت عدتها بالشهور، ثم حاضت بعدها، ولو بلحظة: لم يلزمها استئناف العدة؛ لأنه معنىً حدث بعد انقضاء العدة، كالتي حاضت بعد انقضاء العدة بزمن طويل، ولا يمكن منع هذا الأصل؛ لأنه لو صح منعه، لم يحصل لمن لم تحض، الاعتدادُ بالشهور، بحال" انتهى من "المغني" (8/113).
وقال ابن حجر الهيتمي في "تحفة المحتاج" (8/ 236): "(و) عدة (حرة لم تحض)، لصغرها، أو لعلة، أو جِبِلَّة منعتها رؤيةَ الدمِ أصلا، أو وُلِدت ولم تر دما، (أو يئست) من الحيض بعد أن رأته: (بثلاثة أشهر) بالأهلة؛ للآية ...
(فإن حاضت فيها)، أي أثناء الأشهر: (وجبت الأقراء)، إجماعا؛ لأنها الأصل، ولم يتمَّ البدل" انتهى.
والله أعلم.