الحمد لله.
أولًا:
نفقة الأب على عياله واجبة بلا خلاف، قال ابن المنذر رحمه الله: "وأجمعوا على أن على المرء نفقة أولاده الأطفال الذين لا مال لهم" انتهى، من "الإجماع" (98).
وقال ابن قدامة رحمه الله: "وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم، على أن على المرء نفقة أولاده الأطفال الذين لا مال لهم، ولأن ولد الإنسان بعضه، وهو بعض والده، فكما يجب عليه أن ينفق على نفسه وأهله؛ كذلك على بعضه وأصله" انتهى، من "المغني" (8/212).
ثانياً:
لم تحدد الشريعة حدود معينة للنفقة على الأولاد؛ لأنّ ذلك مما تختلف فيه أحوال الناس، من حيث القدرة، ومن حيث اختلاف الأعراف، وما كان كذلك فإن الشريعة تحيل فيه إلى العرف.
فيكون الواجب في النفقة على الأولاد، ما تعارف الناس في مجتمعهم أنه مما يجب أن يتولاه الرجل من نفقة أولاده، فيدخل في ذلك الأساسيات، كالطعام والشراب واللباس، وما يحتاج إليه الأولاد، ككلفة الانتقالات والتعليم الأساسي، والعلاج، ونحو ذلك.
ويدل له قول النبي صلى الله عليه وسلم لهند: خُذِي مَا يَكْفِيك وَوَلَدَك بِالْمَعْرُوفِ رواه البخاري (5364).
قال الزركشي رحمه الله:
لو مرض القريب: وجب أجرة الطبيب على قريبه. ذكره في قسم الصدقات... انتهى، من "خبايا الزوايا" (ص395).
وقال الخطيب الشربيني رحمه الله:
"والمعتبر في نفقة القريب: الكفاية؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : (خذي ما يكفيك ويكفي ولدك بالمعروف).
ولأنها تجب على سبيل المواساة، لدفع الحاجة الناجزة، ويعتبر حاله في سنه وزهادته ورغبته، ويجب إشباعه، كما صرح به ابن يونس، ويجب له الأُدْم ، كما يجب له القوت ، ويجب له مؤنة خادم إن احتاجه ، مع كسوة وسكنى لائقين به ، وأجرة طبيب، وثمن أدوية" انتهى من "«الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع" (2/ 481).
وجاء في" المفصل في أحكام المرأة والبيت المسلم": (10/235):
"والراجح شمول أجرة الطبيب وثمن الأدوية بنفقة القريب، ولكن بالقدر المعروف، وبقدر حال المنفق دون إرهاق له؛ لأن النفقة وجبت لسد حاجة المنفق عليه، والمريض يحتاج إلى مراجعة الطبيب وشراء الأدوية؛ فكان ذلك من حاجته المشروعة، فتشملها النفقة.
ولكن بالمعروف، وبقدر ما يسعه حال المنفق" انتهى.
ثالثاً:
العلاج من أهم حاجات الإنسان، ولذا جاز إخراج الزكاة لغرض العلاج وتأهيل المعاقين. ينظر فتوى: (145559).
والعلاج التجميلي لإزالة العيوب الناشئة من حادث أو حريق أو نحو ذلك: هو كذلك من الحاجات المعتبرة، لا سيما إذا كان المصاب بذلك بنتا أو امرأة؛ لأنّ ما يسببه لها هذا العيب من أذى وقلق نفسي، ربما يفوق ألم المرض المعتاد.
وإذا كان الوالد، أو من تجب عليه النفقة على البنت، يستطيع تحمل تكلفة علاجها؛ فإن ذلك من النفقة اللازمة له، ولا ينبغي أن يبخل بها على ولده، أو من ينفق عليه.
والله أعلم.
تعليق