منذ عشرين سنة .. !! يعني كان عمرك وقتها 11 سنة؟
فهل هذا السن يؤهلك أن تختار من تقلده من العلماء؟
ثم لا ندري !
لماذا المذهب الظاهري (والمقصود هنا ابن حزم رحمه الله) ؟
ولماذا هذه المسألة خاصة ؟
فإذا كنت طالب علم ، وباحثًا جيدا في العلوم الشرعية ، وقرأت أقوال العلماء في هذه المسألة ، ومناقشاتهم وخرجت بعد ذلك كله بأن هذا هو الراجح من حيث الأدلة ، لا من حيث موافقة الهوى؛ فقد تعذر في هذا العمل، وتكون اجتهدت وأخطأت.
لكننا لا نحسبك فعلت هذا، ولست أصلا مؤهلا لهذا، وليست هذه المسألة، ولا هذه السن، ولا شيء منطقي في كل ما عملته؛ سوى استزلال الشيطان، واتباع الهوى!!
أما إذا لم تكن من طلاب العلم ، ولا المتخصصين في العلوم الشرعية – وهذا هو الظاهر من سؤالك – لأنك لم تسمع عن موقف المذهب الظاهري من القياس إلا مؤخرا ، فإن كان الأمر كذلك ، فلماذا اخترت ابن حزم ، ولماذا هذه المسألة خاصة ؟
وهل قرأت كلامه واطلعت عليه ؟ أم هي كلمة سمعتها من شخص ما فوافقت هوى النفس ، فقلت: لا بأس . أقلد ابن حزم ؟
فأين ابن الأحد عشر عاما، من ابن حزم، وكلامه، وفقهه!!
فإذا لم تكن طالب علم، فلماذا اخترت ابن حزم لتقلده، وتركت الأئمة الأربعة، وهم أجل وأعظم وأفقه منه ؟ رحم الله الجميع .
والإنسان إذا أصيب بمرض في بدنه، لا يكتفي بكلمة سمعها من شخص ما بأن هذا المرض لا شيء فيه، ولا خطورة منه .
وهل يكتفي المريض بأن يذهب إلى أي طبيب وجده في قارعة الطريق، أو سمع به؛ أم يختار لصحته وبدنه: بل يذهب إلى أمهر من يستطيع الوصول إليه من الأطباء في هذا التخصص .
والواجب على المسلم أن يكون اهتمامه بصحة دينه، وتصحيح عبادته أكبر من اهتمامه بصحة بدنه .
فعند التقليد، ينبغي أن يختار المسلم أعلم وأوثق من يجد، وينظر جواب السؤال رقم: (22652).
وقد نص العلماء على أنه لا يجوز للمسلم أن يقلد إماما من الأئمة، إذا كان ذلك لمجرد الهوى، حيث وجد فتواه توافق هواه .
ونخشى أن يكون أمرك كذلك.
قال الشاطبي رحمه الله : " ليس للمقلد أن يتخير في الخلاف ، كما إذا اختلف المجتهدون على قولين ، فوردت كذلك على المقلد ، فقد يعد بعض الناس القولين بالنسبة إليه مخيراً فيهما ، كما يُخير في خصال الكفارة ، فيتبع هواه وما يوافق غرضه دون ما يخالفه ، وربما استظهر على ذلك بكلام بعض المفتين المتأخرين ، وقواه بما روى من قوله عليه الصلاة والسلام : ( أصحابي كالنجوم ) ، وقد مر الجواب عنه ، وإن صح ، فهو معمول به فيما إذا ذهب المقلد عفوًا ؛ فاستفتى صحابيا أو غيره ، فقلده فيما أفتاه به ، فيما له أو عليه .
وأما إذا تعارض عنده قولا مفتيين ، فالحق أن يقال : ليس بداخل تحت ظاهر الحديث ؛ لأن كل واحد منهما متبع لدليل عنده يقتضي ضد ما يقتضيه دليل صاحبه ، فهما صاحبا دليلين متضادين ، فاتباع أحدهما، بالهوى اتباع للهوى ، وقد مر ما فيه ؛ فليس إلا الترجيح بالأعلمية وغيرها.
وأيضًا: فالمجتهدان بالنسبة إلى العامي، كالدليلين بالنسبة إلى المجتهد؛ فكما يجب على المجتهد، الترجيح أو التوقف ؛ كذلك المقلد ، ولو جاز تحكيم التشهي والأغراض في مثل هذا ؛ لجاز للحاكم وهو باطل بالإجماع .
وأيضاً : فإن في مسائل الخلاف ضابطًا قرآنيًا ينفى اتباع الهوى جملة ، وهو قوله تعالى : ( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُول ) النساء : 59 ، وهذا المقلد قد تنازع في مسألته مجتهدان ؛ فوجب ردها إلى الله والرسول ، وهو الرجوع إلى الأدلة الشرعية ، وهو أبعد من متابعة الهوى والشهوة ؛ فاختياره أحد المذهبين بالهوى والشهوة ، مضاد للرجوع إلى الله والرسول .... .
وأيضاً : فإن ذلك يفضي إلى تتبع رخص المذاهب ، من غير استناد إلى دليل شرعي ، وقد حكى ابن حزم الإجماع على أن ذلك فسق لا يحل " انتهى من " الموافقات " (5 /79-82) .
وحاصل كلامه رحمه الله : أنه لا بد من الترجيح بين كلام العلماء ، ولا يجوز الاختيار المطلق الذي سيؤدي في النهاية إلى اتباع الهوى .
وهذا الترجيح قد يكون بأدلة الكتاب والسنة ، وهو الأصل ، وقد يكون بالأعلمية أو غيرها .
وفي مسألتنا : الأدلة الشرعية ، والأعلم من العلماء ، والأكثر ... كل هذا يرجح القول بالتحريم وإفساد الصيام .
فالذي ننصحك به: أن تترك هذا القول الضعيف الشاذ ، وتأخذ بما دلت عليه الأدلة ، وهو مذهب الأئمة الأربعة ، أن الاستمناء والمداعبة في نهار رمضان إذا ترتب على ذلك إنزال المني من مفسدات الصيام .
وينظر جواب السؤال رقم: (71213).
نسأل الله تعالى أن يلهمك رشدك .
والله أعلم.