0 / 0
44407/ذو القعدة/1446 الموافق 05/مايو/2025

هل يجوز للمقترض أن يحسب هديته للمقرض جزءا من سداد الدين؟

السؤال: 565400

شخص تدين من شخص مبلغ على أن يرده حين يتوفر معه، بعد فترة قدم المدين للدائن هدية من ذهب لمناسبة عندهن، وبعد فترة عندما رد الدين رده ناقصا، وقال: إنه اعتبر الهدية التي قدمها له كجزء من السداد لدينه، فما حكم الشرع في ذلك؟ وهل يختلف الحكم إذا كان المدين هو الزوجة؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

لا يجوز للمقترض أن يهدي للمقرض أثناء قيام القرض، إلا أن تكون العادة جرت بالتهادي بينهما، لزوجية أو قرابة أو زمالة، أو أن يحسبها المقرض من دينه.

وذلك لما روى ابن ماجه (2432) عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَقَ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ: "الرَّجُلُ مِنَّا يُقْرِضُ أَخَاهُ الْمَالَ، فَيُهْدِي لَهُ؟ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  إِذَا أَقْرَضَ أَحَدُكُمْ قَرْضًا، فَأَهْدَى لَهُ، أَوْ حَمَلَهُ عَلَى الدَّابَّةِ: فَلا يَرْكَبْهَا، وَلا يَقْبَلْهُ، إِلا أَنْ يَكُونَ جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ قَبْلَ ذَلِكَ وحسنه شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى" (6/159).

ورَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ (3814) عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قال: "أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَلَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ لِي: "إِنَّكَ بِأَرْضٍ الرِّبَا بِهَا فَاشٍ، إِذَا كَانَ لَكَ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ، فَأَهْدَى إِلَيْكَ حِمْلَ تِبْنٍ أَوْ حِمْلَ شَعِيرٍ أَوْ حِمْلَ قَتٍّ: فَلا تَأْخُذْهُ؛ فَإِنَّهُ رِبًا".

و (القَتّ) نبات تأكله البهائم.

قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (4/ 211): " وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام، بغير خلاف ...

وإن شرط أن يؤجره داره بأقل من أجرتها، أو على أن يستأجر دار المقرض بأكثر من أجرتها، أو على أن يهدي له هدية، أو يعمل له عملا، كان أبلغ في التحريم.

وإن فعل ذلك من غير شرط، قبل الوفاء [أي قبل سداد القرض]: لم يقبله، ولم يجز قبوله؛ إلا أن يكافئه، أو يحسبه من دينه، إلا أن يكون شيئا جرت العادة به بينهما قبل القرض؛ لما روى الأثرم أن رجلا كان له على سمّاك عشرون درهما، فجعل يهدي إليه السمك ويقوّمه، حتى بلغ ثلاثة عشر درهما، فسأل ابن عباس فقال: أعطه سبعة دراهم.

وعن ابن سيرين: أن عمر أسلف أبي بن كعب عشرة آلاف درهم، فأهدى إليه أبي بن كعب من ثمرة أرضه، فردها عليه ولم يقبلها، فأتاه أبيّ فقال: لقد علم أهل المدينة أني من أطيبهم ثمرة، وأنه لا حاجة لنا، فبم منعت هديتنا؟ ثم أهدى إليه بعد ذلك، فقبل.

وعن زر بن حبيش قال: قلت لأبي بن كعب: إني أريد أن أسير إلى أرض الجهاد إلى العراق. فقال: إنك تأتي أرضا فاش فيها الربا، فإن أقرضت رجلا قرضا، فأتاك بقرضك ومعه هدية، فاقبض قرضك واردد عليه هديته. رواهما الأثرم " انتهى.

وجاء في "المعايير الشرعية"، ص 325: " لا يجوز للمقترض تقديم عين، أو بذل منفعة للمقرض، في أثناء مدة القرض، إذا كان ذلك من أجل القرض؛ بأن لم تكن العادة جارية بينهما بذلك قبل القرض" انتهى.

وعليه: فإن كان المدين زوجة، أو قريبا، أو صديقا جرت العادة بالتهادي بينه وبين الدائن، فما قدمه هبة وهدية، لا يجوز الرجوع فيها واحتسابها من الدين، لأن الرجوع في الهبة محرم؛ لما روى البخاري (2589)، ومسلم (1622) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ).

وفي رواية للبخاري (2622): لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ الَّذِي يَعُودُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَرْجِعُ فِي قَيْئِهِ  .

وروى أبو داود (3539)، والترمذي (2132)، والنسائي (3690)، وابن ماجه (2377) عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:  لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً أَوْ يَهَبَ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا إِلَّا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ وَمَثَلُ الَّذِي يُعْطِي الْعَطِيَّةَ ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهَا كَمَثَلِ الْكَلْبِ يَأْكُلُ فَإِذَا شَبِعَ قَاءَ ثُمَّ عَادَ فِي قَيْئِهِ والحديث صححه الألباني في "صحيح أبي داود".

وإن لم تجر بينهما عادة بالتهادي، فإن الهدية تحسب من الدين.

والله أعلم.

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android