أولا:
يباح للمريض الفطر في رمضان، ويلزمه القضاء إن كان مرضه يرجى برؤه؛ لقوله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/183- 184.
ويباح الفطر بسبب المرض في أحوال:
1 - أن يصحب المرض ألم ومشقة ظاهرة؛ فوق ما يمكنه احتماله عادة.
2 - أن يخاف زيادة المرض بالصوم.
3 - أن يخاف تأخر البرء بسبب الصوم.
4 - أن يخاف الصحيح حدوث المرض بالصوم.
5 - أن يحتاج المريض إلى الدواء في النهار بحيث لا يمكنه تأخيره إلى الليل.
فكل هذه أعذار تبيح الفطر.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (4/ 403): "وَالْمَرَضُ الْمُبِيحُ لِلْفِطْرِ: هُوَ الشَّدِيدُ الَّذِي يَزِيدُ بِالصَّوْمِ، أَوْ يُخْشَى تَبَاطُؤُ بُرْئِهِ. قِيلَ لأَحْمَدَ: مَتَى يُفْطِرُ الْمَرِيضُ؟ قَالَ: إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ. قِيلَ: مِثْلُ الْحُمَّى؟ قَالَ: وَأَيُّ مَرَضٍ أَشَدُّ مِنْ الْحُمَّى!. . .
وَالصَّحِيحُ الَّذِي يَخْشَى الْمَرَضَ بِالصِّيَامِ , كَالْمَرِيضِ الَّذِي يَخَافُ زِيَادَتَهُ فِي إبَاحَةِ الْفِطْرِ ; لأَنَّ الْمَرِيضَ إنَّمَا أُبِيحَ لَهُ الْفِطْرُ خَوْفًا مِمَّا يَتَجَدَّدُ بِصِيَامِهِ، مِنْ زِيَادَةِ الْمَرَضِ وَتَطَاوُلِهِ، فَالْخَوْفُ مِنْ تَجَدُّدِ الْمَرَضِ فِي مَعْنَاهُ " انتهى.
ثانيا:
الطعام إنما يلزم المريض الذي لا يرجى شفاؤه؛ لقوله تعالى: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) البقرة/184.
روى البخاري (4505) عن ابْنُ عَبَّاسٍ قال: "لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ، هُوَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْمَرْأَةُ الْكَبِيرَةُ لَا يَسْتَطِيعَانِ أَنْ يَصُومَا فَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا".
وقال البخاري رحمه الله في صحيحه: " بَاب قَوْلِهِ: أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ...
وَأَمَّا الشَّيْخُ الْكَبِيرُ، إِذَا لَمْ يُطِقْ الصِّيَامَ، فَقَدْ أَطْعَمَ أَنَسٌ بَعْدَ مَا كَبِرَ، عَامًا أَوْ عَامَيْنِ، كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، خُبْزًا وَلَحْمًا، وَأَفْطَرَ
قال النووي رحمه الله: " قال الشافعي والأصحاب: الشيخ الكبير الذي يَجْهده الصوم، أي يلحقه به مشقة شديدة، والمريض الذي لا يرجى برؤه، لا صوم عليهما بلا خلاف، وسيأتي نقل ابن المنذر الإجماع فيه، ويلزمهما الفدية على أصح القولين" انتهى من "المجموع" (6/ 285).
ثالثا:
يلزمك قضاء ما أفطرت، ولا يجزئ عنك الإطعام، وجهلك بهذا يسقط عنك إثم تأخير القضاء، لو أخرته حتى دخل رمضان آخر، لكن لا يسقط عنك ما ثبت في ذمتك من وجوب القضاء.
وإذا جهلت عدد الأيام، فإنك تعمل بما يغلب على ظنك أن ذمتك تبرأ به، فلو احتمل أن تكون الأيام خمسة أو ستة، قضيت ستة.
رابعا:
من كان يخرج في كفارة اليمين نقودا، لم يلزمه إعادة الإخراج؛ لأن جواز إخراجها نقودا مذهب أبي حنيفة رحمه الله، وهو مذهب معتبر، لكن الأحوط مستقبلا أن يكفر الحانث بالإطعام أو الكسوة؛ عملا بمذهب الجمهور؛ فإنه لا يجزئ عندهم إخراج القيمة في الكفارة.
وينظر: جواب السؤال رقم: (124274)، ورقم: (89954).
والله أعلم.