ما قام به أخوك من بناء ثلاثة أدوار-مع مساهمة أبيك- فيه تفصيل:
1-فإن كان متبرعا بذلك لأبيه، فالعمارة كلها ملك للأب، وتنتقل لورثته بعد موته. ولا يجوز للأخ الرجوع في هبته في حياة والده؛ لأن الرجوع في الهبة محرم، لما روى البخاري (2589) ومسلم (1622) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ).
وفي رواية للبخاري (2622) (لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ الَّذِي يَعُودُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَرْجِعُ فِي قَيْئِهِ).
وروى أبو داود (3539)، والترمذي (2132)، والنسائي (3690)، وابن ماجه (2377) عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً أَوْ يَهَبَ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا إِلَّا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ وَمَثَلُ الَّذِي يُعْطِي الْعَطِيَّةَ ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهَا كَمَثَلِ الْكَلْبِ يَأْكُلُ فَإِذَا شَبِعَ قَاءَ ثُمَّ عَادَ فِي قَيْئِهِ) والحديث صححه الألباني في "صحيح أبي داود".
ولا يملك الرجوع في الهبة بعد موت الأب؛ لأنه بموت الوالد ينتقل الملك للورثة.
2-وإن اتفق مع أبيه على أن يكون شريكا في البيت، أو يملك أدوارا معينة أو شققا معينة، فالأمر بحسب الاتفاق.
3-وإن بنى ذلك لنفسه مع رضى أبيه، فالبنيان كله له-دون حصةٍ من الأرض، لأن الأرض ملك للأب-، لكن يشاركه فيه الوالد بنسبة ما دفع، فلو دفع أخوك 80% مثلا من تكلفة البنيان، ودفع الوالد الباقي، فللوالد خمس البناء، يقسم على ورثته، ومنهم أخوك.
والأرض كلها تركة؛ لأنها ملك للأب.
فلو بيعت العمارة، أخذ الأخ قيمة الشقق بلا حصة من الأرض، مخصوما منها نسبة ما شارك به الأب. ثم يقسم باقي الثمن على جميع الورثة.
قال شُريح: "من بنى في أرض قوم بإذنهم، فله قيمة بنائه" رواه ابن أبي شيبة في المصنف (4/ 494)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (6/ 91).
وقال الماوردي رحمه الله: " قال الشافعي رحمه الله تعالى: وإذا أعاره بقعة يبني فيها بناء، لم يكن لصاحب البقعة أن يخرجه، حتى يعطيه قيمة بنائه قائما يوم يخرجه " انتهى من "الحاوي الكبير" (7/ 296).
4-وإن دفع الأخ المال لأبيه على نية الرجوع والمطالبة، فما دفعه يكون دينا على الأب، فيقضى من التركة، وتكون العمارة لجميع الورثة.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (16/ 205): " لي والد يناهز من العمر حوالي خمسة وسبعين عاما، ولا زال على قيد الحياة، له بيت مبني من الطين وقديم، ويقع في مكان مناسب، وقمت بهدم البيت وإعادة بنائه من جديد من المسلح على حسابي أنا ... الخ ".
الجواب: " أما ما ذكرته من إنفاقك على بيت أبيك:
فإن كنت متبرعا بذلك في قرارة نفسك وقت الإنفاق: فالله يأجرك، وليس لك الرجوع به على والدك.
وإن كنت أنفقته بنية الرجوع: فلك ذلك" انتهى.
ونظرا لانخفاض العملة وتغيرها، فإنه يعوض عن هذا الانخفاض، كما بينا في جواب السؤال رقم: (246311).
والحاصل:
أن معرفة مآل العمارة وطريقة توزيعها يتوقف على معرفة الصفة التي تم بها البناء وهل كان الأخ متبرعا أو شريكا ... إلخ.
غير أن الذي يظهر، وبكل حال: أنه لم يكن متبرعا بنفقة البناء، ولذلك كان يقول: إن الدور الثالث لابنه الأكبر.
وإذا لم يوقف على نيته، ولا صرح لأبيه بشيء: فالأصل أنه له قيمة البناء، مخصوما منه ما شارك به الوالد، كما مر في الفقرة رقم 3 من هذا الجواب.
والله أعلم.