إسناد هذه الرواية ضعيف
هل صحت الرواية في أن عمر بن الخطاب صعد المنبر وأخبر الناس برعيه لخالاته تأديبا لنفسه وتواضعا؟
السؤال: 577161
ما مدى صحة قصة عمر رضي الله عنه الذي قال فيها: "حدثتني نفسي أني أمير المؤمنين وخليفة رسول الله فأردت أن أأدبها"؟
ملخص الجواب
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
هذا الخبر ورد من طريقين:
الطريق الأولى:
عند ابن سعد في "الطبقات" (3 / 273)، ومن طريقه رواه البلاذري في "أنساب الأشراف" (10 / 346)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (44 / 315): عن أحمد بن محمّد بن الوليد الأزرقيّ المكّى قال: أخبرنا أبو عُمير الحارث بن عمير، عن رجل: " أنّ عمر بن الخطّاب رقى المنبر وجمع النّاس فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال: أيّها النّاس لقد رأيتُنى وما لي من أَكَال يَأكُلُه النّاس، إلّا أنّ لي خالاتٍ من بنى مخزوم، فكنتُ أستعذِبُ لهنّ الماءَ فَيُقَبِّضْنَ لي القبضات من الزبيب.
قال ثمّ نزل عن المنبر، فقيل له: ما أردتَ إلى هذا يا أمير المؤمنين؟
قال: إنى وجدتُ في نفسى شيئًا، فأردتُ أن أطأطئَ منها".
وإسناد هذا الخبر ضعيف؛ لأن راوي الخبر عن عمر رجل مجهول.
والحارث بن عمير قد ضُعِّف.
قال الذهبي رحمه الله تعالى:
" الحارث بن عمير البصري نزيل مكة …:
وثقه ابن معين، وأبو حاتم.
وقال ابن حبان: روى عن الثقات موضوعات. وقال الحاكم: روى عن جعفر بن محمد، وحميد أحاديث موضوعة.
قلت: أنا أتعجب كيف خرج له النسائي " انتهى. "المغني" (1/142).
الطريق الثانية:
رواها الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم" (4 / 466)، ومن طريقه رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (44 / 314): عن مُحَمَّد بْن عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى بْنِ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ أَبِي صَخْرَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْمَخْزُومِيُّ، عَنْ أَبِيهِ؛ قَالَ: نَادَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه بِالصَّلاةِ جَامِعَةً، فَلَمَّا اجْتَمَعَ النَّاسُ وَكَثُرُوا؛ صَعِدَ الْمِنْبَرَ؛ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، وَصَلَّى عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ! لَقَدْ رَأَيْتُنِي أَرْعَى عَلَى خَالاتٍ لِي مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ. فَيَقْبِضْنَ لِي الْقَبْضَةَ مِنَ التَّمْرِ أَوِ الزَّبِيبِ، فَأَظَلُّ يَوْمِي وَأَيُّ يَوْمٍ.
ثُمَّ نَزَلَ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! مَا زدت على أن قَمِئْتَ نَفْسَكَ - يَعْنِي: عِبْتَ -.
قَالَ: فَقَالَ: وَيْحُكَ يَا ابْنَ عَوْفٍ! إِنِّي خَلَوْتُ؛ فَحَدَّثَتْنِي نفسي؛ قال: أَنْتَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ؛ فَمَنْ ذَا أَفْضَلُ مِنْكَ؟ فَأَرَدْتُ أَنْ أُعَرِّفَهَا نَفْسَهَا.
وهذا إسناد ضعيف جدا، ففيه:
محمد بن عبد العزيز الدينوري، وهو ضعيف الحديث.
قال الخليلي رحمه الله تعالى:
" محمّد بن عبد العزيز بن المبارك الدّينوريّ، ارتحل إلى البصرة، والكوفة، وسمع أبا نعيم، والقعنبيّ، وأقرانهما، دخل قزوين قديما قبل السّبعين، وكتب عنه إسحاق الكيسانيّ، وأقرانه: ضعّفوه جدا، فسقط " انتهى. "الإرشاد في معرفة علماء الحديث" (2 / 625).
وقال الذهبي رحمه الله تعالى:
" محمد بن عبد العزيز الدينوري: شيخُ صاحبِ "المجالسة": منكر الحديث، ضعيف" انتهى. "المغني في الضعفاء" (2 / 609).
ومحمد بن عمر المخزومي مجهول الحال، لم نجد من وثقه.
ووالده عمر لم نعرف من هو، والظاهر أنه ليس الصحابي عمر بن أبي سلمة المخزومي.
قال ابن أبي حاتم رحمه الله تعالى:" 80 - محمد بن عمر بن أبي سلمة: أراه ابن عبد الاسد، روى عن أم سلمة، روى عنه ابنه أبو بكر...
سمعت أبي يقول ذلك وسمعته يقول: لا أعرفه ... 82 - محمد بن عمر المخزومي: روى عن أبيه، عن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه، روى عنه أبو صخرة جامع بن شداد، سمعت أبى يقول ذلك " انتهى. "الجرح والتعديل" (8 / 18).
الخلاصة:
هذا الخبر لا يصح إسناده.
والله أعلم.
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟