81

ما الفرق بين القوة والقدرة في حق الله؟

السؤال: 581422

ما الفرق بين القوة والقدرة في حق الله تعالى؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

القدرة ضد العجز، والقوة ضد الضعف، والله عز وجل قادر لا يُعْجِزُه شيءٌ، وقويٌّ لا يُعْيِيه شيءٌ، تبارك وتعالى.

فصفة القدرة لله تعالى: تدل على أنه تبارك وتعالى لا يَفُوتُه مطلوبٌ أراده، ولا يُعجزه شيءٌ أن يفعلَه، بل شأنُ الله جل جلاله: أنه إذا أراد شيئًا أن يقول له: (كن)؛ فيكون.

وقد قال تعالى: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا، فبيَّن تعالى أنه لا يَعجز عن شيء، إذ هو تعالى العليم، القدير.

وقال عز وجل: لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا.

وأما صفة القوة لله تعالى: فتدل على أنه عز وجلَّ لا يتعب بفعل شيء، ولا يُعْيِيه فعلُ شيء، ولا يلحقه تعالى لغوبٌ ولا نصَبٌ ولا فتور، إذا هو فعل شيئًا، سبحانه وتعالى.

ومثال هذا في الإنسان أيضًا؛ فإن الإنسان قد يكون قادرًا على فعل شيء، لكنه إذا فعله يصيبه ضعفٌ وتعبٌ، ويجهد به، فهذا من ضعف الإنسان ونقصه، ولأن قدرته ناقصة غير تامة.

أما ربُّ العالمين تعالى فهو القادر الذي لا يُعجزه شيء، وهو القوي الذي لا يُضعفه شيء ولا يُعييه، سبحانه وتعالى.

قال الزجاج في "تفسير أسماء الله الحسنى" (ص59):

"القادر: الله القادر على ما يشاء، لا يُعجِزه شيء، ولا يَفوته مطلوب. والقادر منا، وإن استحق هذا الوصف، فإن قدرته مستعارةٌ، وهي عنده وديعة من الله تعالى، ويجوز عليه العجزُ في حالٍ والقدرة في أخرى، والله تعالى هو (القادر)، فلا يتطرق عليه العجزُ ولا يفوته شيءٌ"، انتهى.

وقال الخطابي في "شأن الدعاء" (ص 85): "وصف الله نفسَه بأنه قادرٌ على كل شيء أراده، لا يعترضه عجزٌ ولا فتورٌ"، انتهى.

وأما قوة الله تعالى، فقال الزجاج في "تفسير الأسماء" (ص 54):

"القوي: هو الكامل القدرة على الشيء، تقول: هو قادر على حمله، فإذا زدتَه وصفًا قلتَ: هو قويٌّ على حمله، وقد وصف نفسه بالقوة فقال عز قائلا: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ"، انتهى.

فعلى ذلك تكون القوة: قدرةً مخصوصةً، أي: تكون نوعًا مخصوصًا من القدرة، وهي القدرة بلا تعبٍ، ولا لغوبٍ، ولا سأمٍ، ولا فتورٍ، ولا إعياءٍ.

وهذا كما بيَّن الله تعالى في كتابه، فقال عز وجل: وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ، واللغوب هو النصب أو الإعياء أو السآمة، كما ورد في تفسير الصحابة والتابعين، وينظر للتوسع "تفسير الطبري" (21/ 465).

وأشار الخطابي رحمه الله إلى أن القوة هي تمام القدرة وكمالها، فقال في "شأن الدعاء" (ص 77):

"القوي: القوي قد يكون بمعنى القادر، ومَنْ قوي على شيء، فقد قدر عليه، ويكون معناه: التام القوة، الذي لا يستولي عليه العجز في حال من الأحوال.

والمخلوق وإن وُصِف بالقوة؛ فإن قوَّته متناهية، وعن بعض الأمور قاصرة"، انتهى.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

"القوة: صفة يتمكن الفاعل بها من الفعل بدون ضعف، والدليل على قوله تعالى: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً.

وليست القوة هي القدرة، لقوله تعالى: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً، فالقدرة يقابلها العجز، والقوة يقابلها الضعف.

والفرق بينهما: [أولا:] أن القدرة يوصف بها ذو الشعور، والقوة يوصف بها ذو الشعور وغيره.

ثانياً: أن القوة أخص؛ فكل قوي من ذي الشعور قادر، وتقول: الحديد قوي، ولا تقول: قادر، لكن ذو الشعور تقول: إنه قوي، وإنه قادر.

ولما قالت عاد: مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً قال الله تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً"، انتهى من "شرح الواسطية" (ص 205).

فالله تبارك وتعالى:

من صفاته: القدرة، دلالة على أنه لا يعجزه شيء، ولا يفوته مطلوبٌ أراده، بل شأنه تعالى كما أخبر عن نفسه عز وجلَّ فقال: إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ، فالقدرة أدلُّ على السعة والشمول، ومن أسمائه تعالى: القدير والقادر والمقتدر، عز وجل.

ومن صفاته تعالى: القوة، دلالة على أنه إذا فعلَ فلا يمسه تعالى بسبب الفعل لغوب، ولا يلحقه تعب ولا فتور، ولا يعييه فعل شيء فعله وإن كان المفعول عظيمًا كبيرًا، ولا يمنعه مانع مما أراد، ولا يردُّه رادّ، سبحانه.

فالقوة أدلُّ على التمكن، ومن أسمائه تعالى: القوي، والمتين، فمن معاني المتين: القوي في قدرته، وهو تعالى كذلك متين في سائر صفاته، سبحانه وتعالى، وعزَّ وجلَّ.

ويتبين بما سبق أن القوة هي كمال القدرة وشدّتها ومتانتها.

والله أعلم.

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android