الحمد لله.
يجوز أن يصلي صاحب السلس إماما بمصاب مثله ، أما صلاته بصحيح فاختلف العلماء في جواز إمامته .
فذهب بعضهم إلى عدم جوازها وبطلان الصلاة ، وذهب آخرون إلى صحتها .
جاء في الموسوعة الفقهية (25/187) :
" اتفق الفقهاء على أنه إذا كان الإمام مريضا بالسلس والمأموم كذلك فالصلاة جائزة , وأما إذا كان الإمام مريضا بالسلس والمأموم سليماً فقد اختلف الفقهاء في جواز إمامة المريض لصلاة غيره من الأصحاء على قولين :
القول الأول : وهو قول الحنفية والحنابلة : عدم الجواز ، لأن أصحاب الأعذار يصلون مع الحدث حقيقة , لكن جعل الحدث الموجود في حقهم كالمعدوم , للحاجة إلى الأداء فلا يتعداهم ; لأن الضرورة تقدر بقدرها ، ولأن الصحيح أقوى حالا من المعذور ولا يجوز بناء القوي على الضعيف .
والقول الثاني : وهو قول المالكية والشافعية : الجواز ، لصحة صلاتهم من غير إعادة ، ولأنه إذا عفي عن الأعذار في حق صاحبها عفي عنها في حق غيره ، إلا أن المالكية صرحوا بكراهة إمامة أصحاب الأعذار للأصحاء " انتهى باختصار .
وانظر : "المجموع" (4/160) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : ما حكم إمامة من به سلس بول ؟
فأجابوا :
" من به سلس بول أو نحوه صلاته في نفسه صحيحة لقوله تعالى: ( فاتقوا الله ما استطعتم) ، وقوله : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ) وفي صحة صلاة من ائتم به من الأصحاء خلاف ، والراجح : الصحة ، لكن الأولى أن يؤم الناس غيره من الأصحاء خروجاً من الخلاف " انتهى .
عبد العزيز بن باز ، عبد الرزاق عفيفي، عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (7/397) .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (4/172، 173) :
" وصلاتُه – يعني المصاب بالسلس - مأموماً بإمامٍ سليمٍ مِن هذا المرضِ صحيحةٌ ، وصلاتُه إماماً بمصابٍ بهذا المرضِ صحيحةٌ ، هاتان صورتان .
الصورةُ الثالثةُ : صلاتُه إماماً بمَن هو سليمٌ مِن هذا المرضِ فقال بعض العلماء : إنَّها لا تصحُّ ، فإذا صَلَّى مَنْ به سلسُ البولِ إماماً بمَن هو سالمٌ مِن هذا المرضِ ، فصلاةُ المأمومِ باطلةٌ وصلاةُ هذا أيضاً باطلةٌ ؛ لأنَّه نَوى الإِمامةَ بمَن لا يصحُّ ائتمامُه به إلا أنْ يكون جاهلاً بحاله .
والعلَّةُ في عدمِ صحَّةِ إمامتِه : أنَّ حالَ مَن به سَلسُ البولِ دون حالِ مَن سَلِمَ منه ، ولا يمكن أن يكون المأمومُ أعلى حالاً مِن الإِمامِ .
والقول الصحيحُ في هذا : أن إمامةَ مَن به سَلَسُ البولِ صحيحةٌ بمثْلِهِ وبصحيحٍ سليمٍ .
ودليلُ ذلك : عمومُ قولِه صلى الله عليه وسلم : ( يؤمُّ القومَ أقرؤهم لكتابِ اللهِ ) وهذا الرَّجلُ صلاتُه صحيحةٌ ؛ لأنَّه فَعَلَ ما يجب عليه ، وإذا كانت صلاتُه صحيحةٌ لزمَ مِن ذلك صحَّةُ إمامتِه .
وقولهم : إنَّ المأمومَ لا يكون أعلى حالاً مِن الإِمام مُنتقضٌ بصحَّةِ صلاةِ المتوضئِ خلفَ المُتَيمِّمِ ، وهم يقولون بذلك مع أنَّ المتوضئَ أعلى حالاً ، لكن قالوا : إنَّ المتيمِّمَ طهارتُه صحيحةٌ . ونقول : ومَن به سَلَسُ البولِ طهارتُه أيضاً صحيحةٌ " انتهى .
تعليق