المهر حق للزوجة، ولها أن تمنع تسليم نفسها حتى تقبض مهرها المعجل، ولها فسخ النكاح إن بان الزوج معسرا، ولها طلب الطلاق إن كانت بحاجة للمال، ولا يجب عليها طلب الطلاق.
هل للمرأة طلب الطلاق إذا لم يدفع لها زوجها المهر؟
السؤال: 604442
هل يجب على والدتي أن تطلّق زوجها؛ لأنها لم تُعطَ مهرها، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أَيُّمَا رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى صَدَاقٍ، وَهُوَ لَا يَنْوِي أَنْ يُؤَدِّيَهُ إِلَيْهَا فَهُوَ زَانٍ، وَأَيُّمَا رَجُلٍ اسْتَدَانَ دَيْنًا وَهُوَ لَا يَنْوِي أَنْ يَقْضِيَهُ صَاحِبَهُ فَهُوَ سَارِقٌ)؟
ملخص الجواب
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أولا:
المهر حق للزوجة، كما قال تعالى: وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً النساء/4
لكن يصح النكاح دون تسمية مهر، ويصح مع تأجيله، أو تأجيل بعضه، سواء حُدد الأجل أم لا.
وينظر بيان ذلك في جواب السؤال رقم: (537567).
وعليه؛ فلا يجب على الزوجة المطالبة به، ولا تأثم بترك المطالبة، ولا يجب عليها طلب الطلاق لذلك.
ثانيا:
أما حديث: (أيما رجل تزوج) فقد رواه أحمد (18932) عن صُهَيْبِ بْنِ سِنَانٍ يُحَدِّثُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّمَا رَجُلٍ أَصْدَقَ امْرَأَةً صَدَاقًا وَاللهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُرِيدُ أَدَاءَهُ إِلَيْهَا، فَغَرَّهَا بِاللهِ، وَاسْتَحَلَّ فَرْجَهَا بِالْبَاطِلِ، لَقِيَ اللهَ يَوْمَ يَلْقَاهُ وَهُوَ زَانٍ، وَأَيُّمَا رَجُلٍ ادَّانَ مِنْ رَجُلٍ دَيْنًا، وَاللهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُرِيدُ أَدَاءَهُ إِلَيْهِ، فَغَرَّهُ بِاللهِ، وَاسْتَحَلَّ مَالَهُ بِالْبَاطِلِ، لَقِيَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ يَلْقَاهُ وَهُوَ سَارِقٌ.
وقال الحافظ العراقي، رحمه الله: "رواه أحمد من حديث صهيب ورواه ابن ماجة مقتصراً على قصة الدين، دون ذكر الصداق وفي سنده اضطراب". انتهى، من "تخريج أحاديث إحياء علوم الدين" (6/ 2391).
وضعفه شعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند.
قال السندي: "قوله: "فغرَّها بالله"، أي: بتشريعه الصداق، وأَمرِه به، حيث اعتمدت على ذلك.
"بالباطل"، أي: بالكلام الباطل، وهو ما ذكره عند التسمية.
"وهو زانٍ" حيث قضى شهوته بوجه غير محمود.
"ادّان" بتشديد الدال، أي: استقرض، وهو افتعال من الدين.
"فغرَّه بالله"، أي: بأمره تعالى بأداء الدين.
"بالباطل"، أي: بالكلام الباطل، وهو أن هذا قرض سيردُّه" انتهى من حاشيته على المسند.
وأخرج الطبراني في معجمه الصغير (111) عَنْ مَيْمُونٍ الْكُرْدِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: أَيُّمَا رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى مَا قَلَّ مِنَ الْمَهْرِ أَوْ كَثُرَ، لَيْسَ فِي نَفْسِهِ أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَيْهَا حَقَّهَا، خَدَعَهَا , فَمَاتَ , وَلَمْ يُؤَدِّ إِلَيْهَا حَقَّهَا: لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهُوَ زَانٍ , وَأَيُّمَا رَجُلٍ اسْتَدَانَ دَيْنًا، لَا يُرِيدُ أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَى صَاحِبِهِ حَقَّهُ، خَدْعَةً، حَتَّى أَخَذَ مَالَهُ , فَمَاتَ , وَلَمْ يَرُدَّ إِلَيْهِ دِينَهُ= لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ سَارِقٌ.
والحديث صححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (1807).
لكن قال الحافظ أبو بكر الهيثمي، رحمه الله: "رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَفِي إِسْنَادِ أَحْمَدَ رَجُلٌ لَمْ يُسَمَّ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ. وَفِي إِسْنَادِ الطَّبَرَانِيِّ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ". انتهى، من "مجمع الزوائد ومنبع الفوائد" (4/ 284).
وأخرج البزار (8721) والبيهقي في السنن الكبرى (14396) عَن أبي هُرَيرة، قَالَ: قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم: من تزوج امرأة على صداق، وهُو ينوي ألا يؤديه إليها فهو زان، وَمَنْ ادّان دينا، وهُو ينوي ألا يؤديه إلى صاحبه، أَحسَبُهُ قال: فهو سارق.
قال الإمام المذهبي، رحمه الله: "فيه مجهول" انتهى، من "المهذب في اختصار السنن الكبير" (6/ 2813).
وقال الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (1806): "صحيح لغيره".
ثالثا:
الحديث فيه ذم من يتزوج وهو ينوي ألا يؤدي الصداق، وليس فيه أن المرأة تأثم إن لم تطالب، أو أنه يلزمها الطلاق.
وأمر النية إلى الله تعالى، فقد يماطل الرجل في أداء الصداق وفي نيته أن يؤديه، وقد يتزوج وهو ينوي الأداء، ثم ينوي عدمه.
وبكل حال، فلا تعرض في الحديث للمرأة.
والمرأة لها أن تمتنع من الذهاب إلى زوجها حتى يؤدي مهرها المعجل.
وينظر: جواب السؤال رقم: (127325)، ورقم: (534722).
رابعاً:
إذا أعسر الزوج بالصداق المعجل، ولم تكن تعلم إعساره، فلها فسخ النكاح، لكن لا يكون الفسخ إلا عن طريق القاضي.
قال البهوتي، رحمه الله في "شرح المنتهى" (7/261): " (وإن أعسر) الزوج (بالمهر الحالِّ، قبل الدخول أو بعده: فَلِحُرَّةٍ مكلَّفةٍ: الفسخ)؛ لأنه تعذَّر عليها الوصول إلى العوض، أشبهَ ما لو أفلس المشتري.
(فلو رضيت بالمقام معه، مع عسرته): امتنع الفسخ.
(أو تزوجته عالمة بعُسرته: امتنع الفسخ)؛ لرضاها به.
(ولها) أي: للتي رضيت بالمقام مع العسرة، أو تزوجته عالمة بها: (مَنْعُ نفسها) حتى تقبض مهرها الحالّ؛ لأنه لم يثبت له عليها حقّ الحبس...
(ولا يصح الفسخ في ذلك كلّه إلا بحكم حاكم)؛ لأنه فسخ مختلَف فيه " انتهى.
رابعا:
الأصل تحريم طلب المرأة الطلاق إلا لعذر؛ لما روى أحمد (22440) وأبو داود (2226) والترمذي (1187) وابن ماجه (2055) عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّة والحديث صححه ابن خزيمة وابن حبان كما ذكر الحافظ في "الفتح" (9/ 403)، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"، وشعيب الأرنؤوط في "تحقيق المسند".
قال في "عون المعبود" (6/ 220): " أي لغير شدة تلجئها إلى سؤال المفارقة، وما زائدة للتأكيد" انتهى.
فإن كانت بحاجة إلى المال، وكان المهر معجلا، وكان الزوج موسرا مماطلا، فالذي يظهر أن هذا عذر يبيح لها طلب الطلاق، لتأخذ مهرها، وتسدّ حاجتها؛ لأن هذا يدخل في البأس والشدة.
والله أعلم.
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟