أولًا:
قولكِ: (عاهدتُ الله) إن كان مجرّد حديث نفس، أو نية لم تُلفَظ، أو عزم لم يخرج بصيغة قول؛ فلا يكون نذرًا ولا يمينًا، ولا يترتب عليه حكم شرعي، ولا يلزمك به شيء.
وعليه: فإن كان ما صدر منك من هذا القبيل، فلا حرج عليك في مطالبة زوجك بحقك من الذهب أو بدله، لا سيما أن إعطاءك الذهب لم يكن هبة مطلقة، وإنما كان مشروطًا ببدلٍ لم يفِ به.
أما إن كنتِ قد تلفّظتِ بقولك: (عاهدتُ الله)، فإن هذا يأخذ حكم اليمين أو النذر.
ينظر: جواب السؤال (224072). (429536).
ثانيا:
الأصل وجوب الوفاء بالعهد مع الله إذا كان في طاعة، غير أن الشريعة لا تأمر بالوفاء بما يفضي إلى ضررٍ بالغ، أو امتهانٍ للكرامة، أو وقوعٍ في الفقر والحاجة.
فإذا كان امتناعك عن المطالبة بحقك سيؤدي إلى تضييع نفسك، أو تعريضك للتشرّد، أو الاضطرار إلى سؤال الناس، ولا مأوى لك ولا نفقة؛ فإن المطالبة بحقك حينئذٍ أولى، بل واجبة حفظًا للنفس والكرامة.
وفي هذه الحال: تكفرين عن يمينك وتطالبين زوجك بحقك ؛ لقول النبي ﷺ: (من حلف على يمين، فرأى غيرها خيرًا منها، فليأتِ الذي هو خير، وليكفّر عن يمينه) رواه البخاري (6248)، ومسلم (1650) واللفظ له.
وينظر: إجابة رقم (555584).
ثالثا:
إن كان الدافع الوحيد لعهدك هو خشيتك من ذهاب ثواب الصدقة، فإن هذا السبب غير صحيح في نفسه؛ لأن مطالبتك بحقك لا تُبطِل أجر صدقتك، ولا تنقص ثوابها.
فالصدقة قد وقعت، وأجرها ثابت، وحقك المالي منفكّ عنها، والمطالبة به لا تُعارض القُربة السابقة.
ولهذا ذهب جمهور الفقهاء إلى أن اليمين إذا بُنيت على سبب، ثم تبيّن خطأ ذلك السبب، أو زال، فلا يترتب على مخالفتها حنث.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "مجموع الفتاوى" (33/ 234):
"إن كان حلف لسبب وزال السبب فلا حنث عليه: في أظهر قولي العلماء في مذهب أحمد وغيره؛ فإن من حلف على معين لسبب: كأن يحلف أن لا يدخل البلد لظلم رآه فيه ثم يزول الظلم. أو لا يكلم فلانا ثم يزول الفسق ونحو ذلك: ففي حنثه حينئذ " قولان " في مذهب أحمد وغيره أظهرهما أنه لا حنث عليه" انتهى.
وعلى هذا: لكِ أن تطالبي زوجك بحقك من الذهب، أو قيمته، أو ما تراضيتما عليه من بدل، ولا يلزمك حنث ولا كفارة في هذه الصورة.
وإن كفّرتِ كفارة يمين احتياطًا، فهو أحوط وأبرأ للذمة.
ينظر جواب السؤال (409476)، (400366).
والله أعلم.