إذا خلع الطبيب السن التالف مع إمكان إصلاحه فهل يضمن؟

السؤال: 606606

أنا طبيبة أسنان، في بداية عملي جاءتني مريضة ضرسها تالف منه جزء نصفة وأقل، ووصل للعصب، وسبب لها ألما، فقررت أن أبدأ حشو عصب، وأثناء شغلي في السن، أتلفت السن أكثر، وبلغت المريضة أني سأخلع الضرس، ولم أوضح خطئي، وتم خلعه، واقترحت عليها خطة لتعويضه، وهي تركيبة ثابتة، وطلبت منها أن ترجع بعد التئام الجرح، المريضة لم ترجع للعيادة، وهي سيدة كبيرة قريبة لصديق أخي، واعترافي بالموضوع سيتسبب في الحرج لأخي ولصديقه؛ لأنهم وثقوا في، وأرسلوها لعيادتي، أنا الآن في حيرة شديدة بين أن السن كان تالفا، وخطة الخلع والتعويض بتركيبة خطة كويسة، حتى لو لم أخطئ، وبين لو كان عندي الخبرة التي عندي الآن كان من الممكن أن أعالجه بشكل أحسن، وأحافظ عليه مدة طالت أو قصرت، لكن كنت سأقوم بما علي.
فهل في كفارة أقدر أعملها أو صدقة لهذه السيدة، لكي تكفر ذنبي بدون فضح الموضوع؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أولا:

الأصل تحريم خلع الضرس مع إمكان معالجته بسحب العصب وحشو الضرس.

قال الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" (3/ 484): " (فلا يصح استئجار لقلع سن صحيحة)؛ لحرمة قلعها، وفي معناها كل عضو سليم، من آدمي أو غيره في غير قصاص.

أما العليلة: فيصح الاستئجار لقلعها إن صعب الألم، وقال أهل الخبرة: إن قلعها يزيل الألم" انتهى.

وقال في "التاج والإكليل" (7/ 545): " لو استأجر على قلع سن صحيحة، أو قطع يد صحيحة: لم يجز، ولو كانت اليد متآكلة، والسن متوجعة: جازت" انتهى.

ثانيا:

إذا أخطأ الطبيب، وبالغ في الحفر، فأتلف السن بحيث لم يعد صالحة للحشو: فهو ضامن؛ لأن الطبيب يضمن إذا جنت يده، ولو كان ماهرا، لكن لا إثم عليه حينئذ، فإن كان غير ماهر: أثم، وضمن.

قال ابن قدامة رحمه الله: " فأما إن كان حاذقا، وجنت يده، مثل أن تَجاوز قطع الختان إلى الحشفة، أو إلى بعضها، أو قطع في غير محل القطع، أو يقطع السَّلْعة من إنسان، فيتجاوزها، أو يقطع بآلة كالَّةٍ يكثر ألمها، أو في وقت لا يصلح القطع فيه، وأشباه هذا ضمن فيه كله؛ لأنه إتلاف، لا يختلف ضمانه بالعمد والخطأ= فأشبه إتلاف المال. ولأن هذا فعل محرم، فيضمن سِرايته، كالقطع ابتداء .

وكذلك الحكم في البَزَّاغ [وهو الحجام، والبيطار]، والقاطع في القصاص، وقاطع يد السارق.

وهذا مذهب الشافعي وأصحاب الرأي ولا نعلم فيه خلافا " انتهى من "المغني(6/133) "

وينظر في حالات ضمان الطبيب: سؤال رقم: (114047).

وإذا أَشكل الأمرُ، عرض على طبيبين ثقتين، فإن قررا خطأ الطبيبة فيما صنعت، فهي ضامنة.

ثالثا:

قد أدى إفساد الضرس إلى خلعه، ولا يقال: إن هذا الخلع تم بموافقة المريضة؛ لأنها وافقت عليه بناء على خداعها، وإخفاء الحقيقة عنها، وإيهامها أن الضرس لا يصلح للحشو.

وعليه؛ فقد قمتِ بخلع ضرسها، مع أنه كان يمكن علاج الضِّرس، لولا الخطـأ.

فعلى ذلك: يلزمك دية الضرس.

ودية السن، أو الضرس السليم، أو المعيب الذي لم تذهب منفعته بالكلية، إذا أزيلت: خمس من الإبل.

قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (8/467): " قال القاضي: قول أحمد، - رحمه الله -: في السن السوداء، ثلث ديتها. محمول على سن ذهبت منفعتها، بحيث لا يمكنه أن يعض بها الأشياء، أو كانت تفتتت.

فأما إن كانت منفعتها باقية، ولم يذهب منها إلا لونها، ففيها كمالُ ديتها، سواء قلّت منفعتها، بأن عجز عن عض الأشياء الصلبة بها، أو لم يعجز؛ لأنها باقية المنفعة، فكملت ديتها، كسائر الأعضاء" انتهى.

وقال البهوتي في "كشاف القناع" (6/ 44): " (وإن قلع) الجاني (سنا مضطربةً، لكبر أو مرض وكانت منافعها) أي السن (باقية، من المضغ وحفظ الطعام والريق: وجبت ديتها.

وكذلك إن ذهب بعض منافعها، وبقي بعضها): وجبت ديتها؛ لأنه أذهب عضوا فيه منفعة.

(وإن ذهبت منافعها كلها: فهي كاليد الشلاء)؛ ففيها حكومة.

(وإن قلع سنا فيها داء، أو) قلع سنا فيها (أكلة، ولم يذهب شيء من أجزائها: ففيها دية سن صحيحة)؛ لكمالها، وبقاء منافعها.

(وإن سقط من أجزائها شيء: سقط من ديتها بقدر الذاهب منها، ووجب الباقي) من ديتها فيما أذهبه، كسائر ما فيه مقدر" انتهى.

وعلى ذلك؛ فيلزمك الرجوع إلى المريضة، وإعطاؤها قيمة خَمس من الإبل، إلا أن تعفو هي عن الدية كلها، أو بعضها، بعد أن تعلم بحقيقة ما لها في ذمتك.

ولا كفارة هنا.

والله أعلم.

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android