الحمد لله.
لا يجب على الزوجة أن تطيع أحداً من أحمائها سواء والد الزوج أو والدته أو إخوته أو أخواته في أي شيء كان قل أو كثر ، اللهم إلا أن يكون أمراً بواجب شرعي أو نهياً عن محرم فهذا تجب فيه الطاعة سواء كان من القريب أو البعيد أو الحمو أو غيره .
أما الزوج فطاعته واجبة بالمعروف لقوله تعالى : الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض و بما أنفقوا من أموالهم . . . النساء / 34 .
قال ابن كثير رحمه الله وهو يذكر بعض حقوق ا لزوج على زوجته :
إن الله قد أوجب حق الزوج عليها وطاعته وحرَّم عليها معصيته لما له عليها من الفضل والإفضال اهـ . تفسير ابن كثير (1/493) .
ولا يجوز لأحد من احمائك أن يدخل غرفتك إلا بإذنك ، لقول الله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلِّموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون النور / 27 .
فإن دخل أحد منهم بعد إذنك ولم يكن من محارمك – كأخي الزوج - فإنه لا بد من وجود محرم لك ، حتى لا يكون هناك خلوة محرمة بينكما ، مع التزامك بالحجاب الشرعي الكامل ، والأمن من وقوع الفتنة .
ومع كل هذه الشروط يبقى عدم دخوله عليك في غرفتك أفضل ، وأطهر للقلب ، وأبعد عن الريبة . قال الله تعالى : ( وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ) الأحزاب / 53 .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ . فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ ؟ قَالَ : الْحَمْوُ الْمَوْتُ ) رواه البخاري (5232) ومسلم (2172) .
قال النووي رحمه الله :
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( الْحَمو الْمَوْت ) مَعْنَاهُ أَنَّ الْخَوْف مِنْهُ أَكْثَر مِنْ غَيْره , وَالشَّرّ يُتَوَقَّع مِنْهُ , وَالْفِتْنَة أَكْثَر لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْوُصُول إِلَى الْمَرْأَة وَالْخَلْوَة مِنْ غَيْر أَنْ يُنْكِر عَلَيْهِ , بِخِلَافِ الأَجْنَبِيّ . وَالْمُرَاد بِالْحَمْوِ هُنَا أَقَارِب الزَّوْج غَيْر آبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ . فَأَمَّا الآبَاء وَالأَبْنَاء فَمَحَارِم لِزَوْجَتِهِ تَجُوز لَهُمْ الْخَلْوَة بِهَا , وَلا يُوصَفُونَ بِالْمَوْتِ , وَإِنَّمَا الْمُرَاد الأَخ , وَابْن الأَخ , وَالْعَمّ , وَابْنه , وَنَحْوهمْ مِمَّنْ لَيْسَ بِمَحْرَمٍ . وَعَادَة النَّاس الْمُسَاهَلَة فِيهِ , وَيَخْلُو بِامْرَأَةِ أَخِيهِ , فَهَذَا هُوَ الْمَوْت , وَهُوَ أَوْلَى بِالْمَنْعِ مِنْ الأَجْنَبِيّ لِمَا ذَكَرْنَاهُ اهـ .
وليس لهم أن يجبروك على شيء مما ذكرتيه من طهو طعام أو ما يتعلق بملبسك أو غير ذلك كالوظيفة والتعليم . . . إلخ إلا من باب النصيحة والعشرة الحسنة لا من باب الإجبار .
ولا يجوز لهم أن يتدخلوا في خصوصياتك أنت وزوجك ، ولكن إن أقنعوا زوجك بألا تخرجا للفسحة المباحة وأمرك زوجك بالبقاء في البيت فأطيعي زوجك واصبري واحتسبي .
ولا يلزمك أن تستأذني أحداً منهم لزيارة أهلك ، وليس ذلك من حقهم . والواجب عليك هو استئذان زوجك ، فإن أذن لك فلا يجب عليك أن تستأذني أحداً منهم .
وليس لهم الحق في معرفة تفاصيل حياتكما ، ولا يجوز لزوجك أن يخبرهم بما يكون بينك وبينه من أسرار الاستمتاع .
ويجب على زوجك أن يبر والديه .
وعليك أن تكوني عوناً له على ذلك ، ولا تكوني سبباً لحصول القطيعة بينه وبينهم . وستجدين عاقبة ذلك في أولادك إن شاء الله تعالى .
ولتكن زيارة زوجك لوالديه على حسب الحاجة والمصلحة ، فقد يطرأ على الأبوين ما يحتاجان معه إلى كثرة زيارة ولدهما لهما كالمرض ونحوه . فعلى زوجك مراعاة ذلك .
وأما خدمتك لهم والقيام بأعمال المنزل فلا يجب عليك ذلك . لكن إن فعلتيه إحساناً إليهما ، وإرضاءً لزوجك ، كان هذا خيرا ، ولك أجر ذلك إن شاء الله تعالى وهذا مما يرفع درجتك عند زوجك وأهله في الدنيا ، وترتفعين به في الآخرة كذلك إن شاء الله .
وأما الاستقلال بالسكن فيجب على زوجك أن يؤمِّن لكِ المسكن الذي تستقلين فيه ، ولكن لا بأس أن يسكن والداه معكما في مسكن واحد يجمعكم إذا كان في البيت سعة ، ولم يكن في ذلك ضرر عليك .
وأما كون حياتكما ستكون تحت المجهر فهذا ليس من حق والديه أن يكونا متسلطين عليكما ، وحاولي التفاهم مع زوجك بالحسنى ، فإن استطاع أن يحسم الأمر وإلا فلا بأس أن تكلمي أهله بالحكمة والخطاب الرشيد ، فإن لم يستجيبوا ودام الحال على ذلك فاصبري واحتسبي الأجر عند الله .
وأما مصافحتك للرجال من غير محارمك فحرام ، فلا تطيعي أحداً في ذلك ، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق . للمزيد عن حكم مصافحة الأجنبية يراجع سؤال رقم ( 21183 )
ولا يحل لزوجك أن يذهب إلى الأعراس التي فيها الصخب والمعاصي . وللمزيد يراجع سؤال رقم ( 10957 )
وأخيراً . .
النصيحة للأزواج أن يبروا آباءهم بالمعروف ولا يطيعوهم إذا تعدوا حدود الله ولا يعينوهم على الظلم ومن ذلك ظلم زوجات الأبناء وعليهم أن يجادلوهم بالحسنى ، وألا يحولوا بينهم وبين طاعة الله تعالى ، ويجب أن يكونوا جريئين في الحق ، وأن يواجهوا الذين يقفون بينهم وبين تطبيقهم لشرع الله تعالى في بيوتهم ؛ لأن المسلم لا يرى سلطاناً لأحد عليه إلا القرآن والسنة ، وأن يحترزوا ممن يدعونهم إلى المعاصي .
وإذا رأي الزوج أن المصلحة الشرعية تقتضي أن يباعد بين بيت زوجته ويبت أهله فلا حرج عليه أن يفعل ذلك .
ولتتسع أخلاقنا وصدورنا ويتحمل بعضنا البعض ولا ننسى الفضل بيننا ، وأن نأتمر بالمعروف ونصبر وندفع الإساءة بالإحسان ونقول التي هي أحسن لعباد الله حتى نلقى الله .
والله المسئول أن يصلح أحوال الجميع ، وصلى الله عليه نبينا محمد .
تعليق