الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

ارتكب معصية يؤنبه ضميره عليها

السؤال

شاب يسأل فيقول : إنه كان يرتكب بعض المعاصي وتاب إلى الله سبحانه وتعالى ، ولكن هناك معصية ما زالت تؤنب ضميره وهو أنه فعل الزنا في بكر ، وهو يسأل ماذا يصنع ؟ فهو لا يستطيع أن يتزوجها ، وهذا الأمر قد سبب له آلاماً نفسية وعيشة مضطربة ، فما رأي فضيلتكم في هذا ؟.

الجواب

الحمد لله.

الذي نرى أن الإنسان إذا تاب من أيِّ ذنب فإن الله يتوب عليه ، لأن الله ذكر أصول المعاصي وهي الذنوب الكبيرة العظيمة في قوله تعالى : ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ ) وهذا الشرك ( وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ ) وهذا القتل ( وَلا يَزْنُونَ ) وهذا فعل الفاحشة ، عدوان على الله وعلى النفوس وعلى الأعراض ، ثم قال : ( وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) الفرقان/68-70 .

فالواجب على الإنسان أن يتوب توبة نصوحاً تكتمل فيها الشروط الخمسة المعروفة ، وهي الندم والإقلاع والعزم على ألا يعود في المستقبل ، والإخلاص وهو الأصل ، وأن تكون التوبة قبل فوات الأوان ، فإذا استكملت هذه الشروط الخمسة في حقه فهي توبة نصوح ، يمحو الله بها كل ما سلف من ذنوبه حتى الزنا .

أما بالنسبة للمزني بها ، فإن كان باختيارها فهي تسأل عن ذلك بنفسها ، وإن كان إكراهاً فعلى الذي أكرهها أن يتوب إلى الله عز وجل من هذا الإكراه ، وإذا تمكن من أن يستحلها فليفعل ، وإذا لم يتمكن فليكثر من الاستغفار لها ، والله سبحانه وتعالى غفور رحيم .

أما ما حصل من إذهاب بكارتها بهذا الزنا ، وأنها ستكون في حرج عظيم ، لأنها إذا خطبت على أنها بكر كشف أمرها في ليلة البناء ، وأما إذا قالت : إنها زالت بكارتها ، تناولتها الألسن وجلبت بذلك الفضيحة لأهلها ، وإن سكتت كان في هذا شيء من الغش بالنسبة للزوج الذي يتزوجها ، لكن أرجو من الله عز وجل إن كانت توبة هذا الشاب توبة صادقة ، وكانت المرأة أيضاً توبتها صادقة أن يجعل الله لهما فرجاً ومخرجاً .

وأما قولك في السؤال : إنه لا يمكن أن يتزوج بها فلا أدري لماذا ؟ فإذا تابا وتيسر له أن يتزوج بها فحسن ، وإذا لم يتيسر ، فسيجعل الله لها فرجاً ومخرجاً ما دامت توبتها صادقة ، لأن الله تعالى قال : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ) الطلاق/ 2 ، وهذا عام ، وقال تعالى أيضاً : ( وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ) الشورى/25 .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين من "لقاءات الباب المفتوح" (3/335-336)