الحمد لله.
البيعة عهد على الطاعة ، وهو عقد شرعي بين المبايِع والمبايَع وهو الأمير أو الخليفة .
وتنعقد البيعة للخليفة بعد اختيار أهل الحل والعقد له ، وهم الذين توفرت فيهم شروط الأمانة وحسن الرأي .
وفي " الموسوعة الفقهية " ( 9 / 274 ) :
"البيعة اصطلاحاً - كما عرّفها ابن خلدون في " مقدّمته " - : العهد على الطّاعة ، كأنّ المبايع يعاهد أميره على أن يسلّم له النّظر في أمر نفسه وأمور المسلمين ، لا ينازعه في شيء من ذلك ، ويطيعه فيما يكلّفه به من الأمر على المنشط والمكره ، وكانوا إذا بايعوا الأمير وعقدوا عهده : جعلوا أيديهم في يده تأكيداً للعهد ، فأشبه ذلك فعل البائع والمشتري ، وصارت البيعة تقترن بالمصافحة بالأيدي" انتهى .
وفيها – أيضاً – ( 9 / 278 ) :
"اختيار أهل الحلّ والعقد للإمام وبيعتهم له هي الأصل في انعقاد الإمامة ، وأهل الحلّ والعقد هم العلماء وجماعة أهل الرّأي والتّدبير ، الّذين اجتمع فيهم العلم بشروط : الأمانة ، والعدالة ، والرّأي" انتهى .
وكما أنه يشترط لأهل الحل والعقد شروط يجب توافرها فيهم : فكذلك للخليفة المبايَع شروط يجب توافرها فيه ، وبعض هذه الشروط مختلف فيها ، وبعضها الآخر متفق عليه ، وشرط الإسلام لم يختلف عليه أحد من أهل العلم ؛ لأن مقتضى البيعة تطبيق شرع الله تعالى ، وإقامة الحدود ، وحراسة الثغور ، فكيف سيطبق كافرٌ شرع الله تعالى ، ويقوم بهذه الأعمال ؟! بل إن كان مسلماً وطرأ عليه الكفر : فإنه يُعزل ؛ لكفره .
قال ابن حزم رحمه الله – في بيان شروط الإمامة - :
"وأن يكون مسلماً ، لأن الله تعالى يقول : (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا) والخلافة أعظم السبيل ، ولأمره تعالى بإصغار أهل الكتاب ، وأخذهم بأداء الجزية" انتهى .
" الفصَل في الملل والأهواء والنحَل " ( 4 / 128 ) .
وقال النووي رحمه الله :
"قال القاضي : أجمع العلماء على أن الإمامة لا تنعقد لكافر ، وعلى أنه لو طرأ عليه الكفر : انعزل" انتهى .
" شرح مسلم " ( 12 / 229 ) .
وفي " الموسوعة الفقهية " ( 6 / 218 ) :
"يَشترط الفقهاء للإمام شروطاً ، منها ما هو متّفق عليه ، ومنها ما هو مختلف فيه .
فالمتّفق عليه من شروط الإمامة :
أ. الإسلام ؛ لأنّه شرط في جواز الشّهادة وصحّة الولاية على ما هو دون الإمامة في الأهمّيّة ، قال تعالى : ( ولن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلاً ) ، والإمامة - كما قال ابن حزمٍ : - أعظم " السّبيل " ، وليراعي مصلحة المسلمين" انتهى .
وعليه : فلا يجوز مبايعة الحاكم الكافر .
والله أعلم
تعليق