الحمد لله.
إذا كان المقصود هو الاقتراض من المصرف ، ورهن المنزل لديه ، توثيقا للدين ، فينظر :
أولا : إن كان القرض يسدد مع زيادة ( فائدة ) فهو قرض ربوي محرم .
قال ابن قدامة رحمه الله : " وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف . قال ابن المنذر : أجمعوا على أن المُسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية ، فأسلف على ذلك أن أخذ الزيادة على ذلك ربا . وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة" انتهى من "المغني" (6/436).
ثانيا : إن كان القرض يسدد من غير زيادة ، لكن البنك يستفيد من المنزل مجانا حتى يتم السداد ، فهذا أيضا محرم ، وهو صورة من صور الربا ، وقد نص الفقهاء على أن الرهن إذا كان في قرض ، فلا يجوز للمرتهن (كالمصرف) الانتفاع به مجانا ؛ لأن هذا حيلة على القرض الربوي ، بل إذا أراد المصرف أن ينتفع به ، فإنه يستأجره بأجرة مثله من غير محاباة .
قال ابن قدامة في "المغني" (4/250) : "إن أذن الراهن للمرتهن في الانتفاع بغير عوض , وكان دين الرهن من قرض , لم يجز ; لأنه يحصل قرضا يجر منفعة , وذلك حرام .
قال أحمد : أكره قرض الدور ، وهو الربا المحض . يعني : إذا كانت الدار رهنا في قرض ينتفع بها المرتهن ..." انتهى .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : تنتشر في بعض قرى مصر عادة رهن الأراضي الزراعية ، إذ يقوم الرجل الذي يحتاج إلى مال بأخذ المال من الرجل الذي يملك المال ، وفي مقابل أخذ المال ، يأخذ صاحب المال الأرض الزراعية التي هي ملك للمدين كرهن ، ويأخذ صاحب المال الأرضَ وينتفع بثمارها وما تدره الأرض ، ولا يأخذ صاحب الأرض شيئا ، وتظل الأرض الزراعية تحت تصرف الدائن حتى يدفع المدين المال لصاحبه . فما حكم رهن الأرض الزراعية ، وهي أخذ ما تدره الأرض حلال أم حرام ؟
فأجابوا : "من أقرض قرضا فإنه لا يجوز له أن يشترط على المقترض نفعا في مقابل القرض ؛ لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( كل قرض جر نفعا فهو ربا ) وقد أجمع العلماء على ذلك ، ومن ذلك ما ذكر في السؤال من رهن المقترض للمقرض الأرض ، وانتفاعه بها إلى تسديد القرض الذي له على صاحب الأرض ، وهكذا لو كان له عليه دين ، لم يجز لصاحب الدين أن يأخذ غلة الأرض أو الانتفاع بها في مقابل إنظار المدين ، ولأن المقصود من الرهن الاستيثاق لحصول القرض أو الدين ، لا استغلال الرهن في مقابل القرض أو الإهمال في تسديد الدين " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (14/177) .
ثالثا : إن كان القرض يسدد من غير زيادة ، والمنزل المرهون لا ينتفع به البنك ، أو ينتفع به بأجرة مثله ، فهذا جائز ، وهو قرض حسن ولا إشكال فيه .
وإذا كان القرض محرما كما في الحالة الأولى والثانية ، فإنه لا يجوز الدخول فيه ، ولو كانت الأسرة بحاجة للمنزل ، كما ذكرتِ ، لما جاء في الربا من الوعيد الشديد ، نسأل الله العافية .
هذا وإن كانت مسألة الرهن على غير ما تصورنا ، فلعلك توضحين الأمر .
والله أعلم .
تعليق