الحمد لله.
تنفح الروح في الجنين إذا أتم أربعة أشهر ، فإذا سقط الجنين بعد نفخ الروح فيه فإنه يعامل معاملة النفس المحترمة المعصومة ، فيغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن مع المسلمين ، ولا يجوز الاعتداء عليه بتشريحه كله أو بعضه ؛ لما روى أحمد (24730) وأبو داود (3207) وابن ماجه (1616) عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيًّا ) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
ولا شك أن التشريح فيه امتهان لكرامة الميت واعتداء على جسده ، فالأصل منعه وتأثيم فاعله . إلا أن أهل العلم نظروا في بعض الحالات التي يترتب فيها على التشريح مصالح ومنافع كبيرة تربو على المفسدة الحاصلة به ، كمصلحة التعرف على سبب الوفاة في الدعاوى الجنائية ، ومصلحة التحقق من الأمراض الوبائية التي تستدعي التشريح لأخذ الاحتياطات الوقائية والعلاجات المناسبة ، وكذلك مصلحة تعلم الطب والرقي به ، إلا أن هذه المصلحة الأخيرة يمكن تحقيقها أو تحقيق جزء كبير منها بتشريح غير الآدمي .
وقد صدر قرار من مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي سنة 1408هـ الموافق 1987م بهذا الخصوص ، كما صدر قرار من هيئة كبار العلماء سنة 1426هـ الموافق 2005م ، وانتهى قرار الهيئة إلى جواز التشريح في حالتين :
الأولى : التشريح لغرض التحقق من دعوى جنائية .
الثانية : التشريح لغرض التحقق من أمراض وبائية .
وأما الحالة الثالثة : وهي التشريح للأغراض العلمية ، فرأوا الاكتفاء فيها بتشريح الحيوان ، أو الآدمي غير المعصوم ، وهو من أبيح قتله كالمرتد والحربي وقاتل النفس بغير حق .
والذي يظهر من سؤالكم أن الصورة المذكورة لا تندرج تحت الحالتين الأولى والثانية ، وأنه إنما يراد التشريح لخدمة العلم ، والتعرف على سبب الوفاة ومراعاة ذلك في حالات الحمل المشابهة ، إلا أن الأمر لا يرقى إلى حالة الوباء ، ولا يقرب من ذلك .
وعليه فلا يجوز تشريح هذا الجنين ، والواجب هو تغسيله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه ، كما سبق .
ونسأل الله تعالى أن يرزق أهله الصبر والأجر وأن يخلف عليهم خيرا .
والله أعلم .
تعليق