الحمد لله.
أولا :
صلاة الجماعة واجبة على كل رجل بالغ مستطيع يسمع النداء .
والمقصود بسماع النداء : أن يسمع الإنسان الأذان بالصوت المعتاد من غير مكبرٍ للصوت ، مع رفع المؤذن صوته ، وسكون الرياح والضوضاء ونحو ذلك مما يؤثر على السماع. وانظر السؤال رقم (20655) .
وعلى هذا ، لا يجب عليكم حضور الجماعة في المسجد إذا كان بعيداً عنكم .
هذا بالنسبة للصلوات الخمس مع الجماعة ، وأما الجمعة فلها شأن آخر ، فإنها تجب على كل من كان في المدينة أو القرية التي تقام فيها الجمعة ، سواء سمع النداء أم لم يسمع ، مهما ترامت أطراف البلد ، وهذا بإجماع العلماء .
قال النووي رحمه الله : " قال الشافعي والأصحاب : إذا كان في البلد أربعون فصاعدا من أهل الكمال ، وجب الجمعة على كل من فيه وإن اتسعت خطة البلد فراسخ ، وسواء سمع النداء أم لا . وهذا مجمع عليه " انتهى من المجموع" (4/353).
ثانيا :
من لم تجب عليه الجماعة ، لبعده عن المسجد ، فإن الأمر يبقى مستحبا في حقه ، وينبغي أن يحرص على التردد على المسجد المرة بعد الأخرى ، لا سيما إذا كان يعيش بعيدا عن المسلمين ، ففي لقائه بالمسلمين ، تجديد لإيمانه ، ورفع لدرجاته ، وتعميق لأواصر الأخوة والمودة ، وتعويد لأبنائه على حب المسجد وتعظيمه ، هذا مع السعي لبناء المساجد وتكثيرها ، والتعاون على ذلك ، ومن الملاحظ أن البلاد الأوربية تتفاوت في هذه المسألة تفاوتا ظاهرا ، وهذا يرجع إلى عوامل كثيرة ، يدخل فيها أحيانا ضعف همة البعض ، وتخاذلهم وانشغالهم عن هذه القضية الكبيرة وعن السعي لإيجاد السبل والحلول لها .
ولا يخفى عليك ما في السعي إلى المساجد - مهما بعدت المسافة - من الأجر العظيم ، والثواب الكبير ، وقد روى مسلم (654) عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ( من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن ، فإن الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى ، وإنهن من سنن الهدى ، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم ، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة ، ويرفعه بها درجة ، ويحط عنه بها سيئة ، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ، ولقد كان الرجل يؤتي به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف ) .
كما ينبغي الحرص على إقامة الجماعة في البيت ، أو مع الجيران ، في حال عدم الذهاب إلى المسجد ، ومن وسائل ذلك الحرص على اجتماع العوائل المسلمة في منازل متقاربة ، وحينئذ يحرص الجميع على أداء الصلاة جماعة في وقتها ، وتبقى لهذه الشعيرة العظيمة مكانتها في القلوب .
نسأل الله أن يزيدكم إيمانا وهدى وتقى ، وأن يعينكم على حمل رسالة الإسلام ونشرها .
والله أعلم .
تعليق