الحمد لله.
إذا كان السائق يسير بالسرعة المعقولة عند اقترابه من الطفل ، ولم يمكنه تفادي الصدام ، لعبور الطفل المفاجئ ، بحيث يحكم أهل الخبرة بأن هذه حالة قاهرة لا يمكن دفعها ، فهو معذور ، ولا شيء عليه ، لا دية ولا كفارة .
وإن كان يمكنه تلافي الصدام ، أو كان يسير بسرعة زائدة منعته من التفادي فهو ضامن . ومعنى الضمان هنا أنه إن مات الطفل لزمته الكفارة مع الدية . وإن لم يمت لكن تلف منه شيء ، وجبت عليه دية ما تلف .
وكذلك لو اشترك الاثنان في الخطأ ، السائق والطفل المار ، فعلى السائق الكفارة كاملة لأنها لا تتجزأ .
فحيث كان للسائق أي تأثير في الحادث ، من تعدّ أو تفريط ، كالسرعة الزائدة ، أو التقصير في تنبيه الطفل ، أو عدم بذل المحاولة الممكنة للتوقف ، فعليه الكفارة .
وقد صدر عن مجمع الفقه الإسلامي في مؤتمره الثامن المنعقد في ( بروناي دار السلام ) سنة 1414هـ الموافق 1993م قرار بخصوص حوادث السير ومما جاء فيه:
" الحوادث التي تنتج عن تسيير المركبات تطبق عليها أحكام الجنايات المقررة في الشريعة الإسلامية ، وإن كانت في الغالب من قبيل الخطأ ، والسائق مسؤول عما يحدثه بالغير من أضرار ، سواء في البدن أم المال ، إذا تحققت عناصرها من خطأ وضرر ، ولا يعفى من المسؤولية إلا في الحالات التالية :
1- إذا كان الحادث نتيجة لقوة قاهرة لا يستطيع دفعها ، وتعذر عليه الاحتراز منها ، وهي كل أمر عارض خارج عن تدخل الإنسان .
2- إذا كان بسبب فعل المتضرر المؤثر تأثيرا قويا في إحداث النتيجة .
3- إذا كان الحادث بسبب خطأ الغير أو تعديه ، فيتحمل الغير المسؤولية ".
وجاء فيه : " رابعا : إذا اشترك السائق والمتضرر في إحداث الضرر، كان على كل واحد منهما تبعة ما تلف من الآخر من نفس أو مال ". انتهى من " مجلة المجمع الفقهي" العدد الثامن ، الجزء الثاني ص 372 .
ويؤخذ من البند الأخير أن الضمان قد يشترك فيه السائق والمتضرر ، كما لو مر الطفل فجأة في طريق غير معد لمرور المشاة ، وأمكن السائق أن يتوقف أو ينبهه فلم يفعل ، حتى وقع الصدام ، فالضمان هنا مشترك .
وكفارة القتل هي عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ، لقوله تعالى : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا ) إلى قوله سبحانه : ( فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ) النساء/92 .
والله أعلم .
تعليق