الحمد لله.
ما دمت لا تعلم أن ابتلاع هذا الطعام مفطر ، فلا قضاء عليك ؛ لأن الجهل بالمفطرات عذر على الصحيح .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " والمفطرات التي تكون باختيار المرء لا يفطر بها الإنسان إلا بشروط ثلاثة هي :
الشرط الأول : أن يكون عالما ، وضد العالم الجاهل .
فإذا أكل الإنسان وهو جاهل فإنه لا قضاء عليه ، والجهل نوعان :
1- جهل بالحكم : مثل أن يتقيأ الإنسان متعمدا لكن لا يدري أن القيء مفسد للصوم ، فهذا لا قضاء عليه لأنه جاهل ، والدليل على أن الجاهل بالحكم لا يفطر ما ثبت في الصحيحين من حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه أنه جعل تحت وسادته عقالين أحدهما أسود ، والثاني أبيض ، والعقالان هما الحبلان اللذان تعقل بهما الإبل ، فجعل ينظر إليهما ، فلما تبين له الأبيض من الأسود ، أمسك عن الأكل والشرب ، فلما غدا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أخبره بذلك فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : (إن وسادك لعريض ، أنْ وسع الخيط الأبيض والأسود ، إنما ذلك بياض النهار وسواد الليل) . ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالقضاء ، لأنه كان جاهلا بمعنى الآية الكريمة .
2- جهل بالوقت : مثل أن يأكل الإنسان يظن أن الفجر لم يطلع ، فيتبين أنه قد طلع ، فهذا لا قضاء عليه ، ومثل أن يفطر في آخر النهار يظن أن الشمس قد غربت ثم يتبين أنها لم تغرب ، وهذا أيضا لا قضاء عليه ، والدليل ما رواه البخاري عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنه قالت : ( أفطرنا في يوم غيم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ثم طلعت الشمس ). ووجه الدلالة من هذا : لو كان الصوم فاسدا لكان القضاء واجبا ، ولو كان القضاء واجبا لأمرهم بذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، ولو أمرهم بذلك لنقل إلينا ، لأن ذلك من حفظ الشريعة ، فلما لم ينقل علم أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يأمرهم به ، ولما لم يأمرهم به علم أن الصوم غير فاسد ، فلا قضاء في هذه الحال ، ولكن يجب على الإنسان متى علم أن يمسك عن الأكل والشرب ، حتى لو كانت اللقمة في فمه وجب عليه لفظها " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (19/116) بتصرف يسير .
ثم ذكر الشرط الثاني والثالث ، وهو أن يكون ذاكرا ، مختارا .
وبهذا تعلم أنه لا قضاء عليك .
والله أعلم .
تعليق