الحمد لله.
أولا :
ينبغي أن تكون العلاقة بين الزوجين علاقةَ محبة ومودة وصلةٍ وبر ، لا سيما إذا كان بينهما قرابة ، فيجتمع حق القرابة مع حق الزوجية ، وينبغي أن يسعى الطرفان إلى تحقيق هذه العلاقة .
وما يقع من سوء العشرة بين الزوجين ، قد يكون مردّه إلى الزوج أو الزوجة أو كليهما ، وعليه فينبغي أن تبحث في أسباب قلة احترامها لك ، أو عدم طاعتها لأوامرك ، وتسعى في علاج ذلك .
وبعض النساء حديثات العهد بالزواج لا يدركن أهمية طاعة الزوج ، ولا مفهوم القوامة التي يختص بها ، ولهذا يحتجن شيئا من الوقت لإدراك ذلك ، وربما احتجن إلى من ينبههن ويعلمهن ، ولعلك تستعين ببعض الأشرطة والكتب النافعة التي تتحدث عن العلاقة الزوجية وأسس نجاحها .
وفي الوقت ذاته يبالغ بعض الرجال حيث يريد من زوجته أن تسمع وتطيع له طاعة مطلقة في كل شيء ، فلو ناقشته أو اقترحت أو تأخرت قليلا في تنفيذ ما يأمر به ، اتهمها بالنشوز والعصيان ومخالفة أمر الله ، وعدم احترامه .
ولا ينبغي أبدا أن يعامل الرجل زوجته كما يعامل خادمته ، فللزوجة ما تستحق من احترام ومشورة وإبداء رأي ونقاش للوصول إلى ما هو خير وأصلح .
ثانيا :
من حق الزوجة أن يكون لها مسكن خاص مع زوجها وأولادها ، لا يشاركها فيه أحد ، لا أب ولا أم ولا قريب .
وإلى هذا ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة ، وأن لها الامتناع من السكن مع أبيه وأمه وإخوته .
قال الكاساني في بدائع الصنائع (4/24): " ولو أراد الزوج أن يسكنها مع ضرتها أو مع أحمائها كأم الزوج وأخته وبنته من غيرها وأقاربه فأبت ذلك ; عليه أن يسكنها في منزل مفرد ; لأنهن ربما يؤذينها ويضررن بها في المساكنة ، وإباؤها دليل الأذى والضرر ولأنه يحتاج إلى أن يجامعها ويعاشرها في أي وقت يتفق ولا يمكنه ذلك إذا كان معهما ثالث " انتهى.
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية أنه إذا كان الزوج فقيراً وعاجزا عن إيجاد سكن مستقل لزوجته ، فليس لها أن تطالب بما يعجز عنه . نقله عنه في "مطالب أولي النهى" (5/122) . بل تصبر حتى يغنيه الله .
والحاصل أن السكن المستقل حق للزوجة ، ولو لم تشترطه في العقد ، ولها أن تطالب به الآن ، ولا تعد ناشزا بذلك ، وما يشيع عند بعض الناس من أن ذلك يعني التفريق بين الإخوة ، كلام لا يعوّل عليه ؛ لأن هذا حق شرعي للزوجة ، وفيه مصلحة للزوجين أيضا ، من جهة عدم الاختلاط ، وأمن النظر والاطلاعِ على ما لا يحل ، ومما يؤسف له أن كثيرا من البيوت العائلية المشتركة ، يطلع فيها الرجل على زوجة أخيه ، وربما حصلت المصافحة والخلوة ، وما يتبع ذلك من الغيرة ، والحسد ، والخلاف والشقاق ، مع ما قد ينشأ من الخلافات بسبب الأولاد ، ولا شك أن الرجل أجنبي عن زوجة أخيه ، فلا يجوز له أن يصافحها أو يخلو بها أو يتعمد النظر إليها ، إلا أن يكون محرما لها من جهة أخرى كالرضاع .
والذي ينظر إلى البيوت العائلية المشتركة يجزم أن الحكمة والمصلحة فيما قاله العلماء ، من إفراد الزوجة بسكن مستقل ، حيث يكثر في هذه البيوت المشاكل والخلافات بين الزوجين ، وبين الرجل وأخيه ، وبين الزوجة وأم زوجها . . . وهكذا ، مع فيها من منكرات ومخالفات للشرع كثيرة .
والذي ننصحك به في ختام هذا الجواب أن تسعى للتوفيق بين زوجتك ووالدتك وعائلتك ، وأن تعطي كل ذي حق حقه ، فتعطي الزوجة حقها في السكن المستقل ، ولا يضرك أن يغضب أحد منهم لانفرادك بالسكن ، لأنك لم تخطئ في ذلك ، ولكن عليك الاستمرار في صلة أقاربك وأمك وإخوانك .
وإذا كنت لا تستطيع في الوقت الحالي أن توفر سكنا مستقلا لزوجته ، فيمكنك أن تعدها وعدا حسنا ، وتوصيها بالصبر والتحمل حتى يغنيكم الله من فضله .
نسأل الله تعالى أن يصلح حالكم ، ويجمع كلمتكم ، ويزيدكم ألفة ومحبة وبرا .
والله أعلم.
تعليق