الحمد لله.
إذا كان الأمر كما ذكر السائل من أن الأرض لم توهب ولم تعط للوالدة ، وإنما جرى تسجيلها باسمها لسبب ما ، فإن الأرض تبقى على ملكه هو وأخيه ، ولا تدخل في تركة الأم ، ولا تقسّم بين الورثة .
وإذا كانت الأخت تعلم بحقيقة الأمر ، وأن الأرض لم توهب لأمها ، فلا يجوز لها المطالبة بشيء منها .
ولو فرض أنها رفعت الأمر للمحكمة فقضت لها بشيء من الأرض اعتمادا على الأوراق المسجلة ، لم يجز لها أخذ ذلك ، فإن القضاء لا يبيح حراما ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ وَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلَا يَأْخُذْ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ ) رواه البخاري (6967) ومسلم (1713).
فهذا الحديث يدل على أن حكم الحاكم بناء على ما ظهر له من كلام الخصمين وأدلتهم لا يجعل الباطل حقاً ، ولا الحرام حلالاً .
وقوله صلى الله عليه : ( فإنما أقطع له قطعة من النار ) أي : إن أخذها مع علمه بأنها حرام عليه دخل النار . فتح الباري .
فينبغي نصح هذه الأخت ، وتخويفها بالله تعالى ، وتحذيرها من أكل المال بالباطل ، وتذكيرها بما جاء في وعيد من أخذ شبرا من الأرض بغير حق ، كما في قوله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ أَخَذَ شِبْرًا مِنْ الْأَرْضِ ظُلْمًا فَإِنَّهُ يُطَوَّقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ ) رواه البخاري (3198) ومسلم (1610).
وينبغي عليكم أيضاً مراعاة حق الرحم والقرابة ، وتقديم ذلك على متاع الدنيا الزائل ، فإن كان بإمكانكم إعطاء الأخت ما تريد أو إرضاءها بشيء فافعلا ذلك ابتغاء ما عند الله تعالى ، ( وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى ) القصص/60 نسأل الله تعالى أن يصلح أحوالنا وأحوال المسلمين .
والله أعلم .
تعليق