الحمد لله.
إذا كانت المتوفاة قد جعلت بيتها وقفا خيريا ، في حال صحتها ، فليس للورثة حق فيه ، لأنه صار وقفا ، لا يباع ولا يوهب ولا يورث ، كما روى البخاري (2737) ومسلم (1633) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَصَابَ أَرْضًا بِخَيْبَرَ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَأْمِرُهُ فِيهَا ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي أَصَبْتُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَنْفَسَ عِنْدِي مِنْهُ ، فَمَا تَأْمُرُ بِهِ ؟ قَالَ : إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا ، وَتَصَدَّقْتَ بِهَا . قَالَ : فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ ، وَتَصَدَّقَ بِهَا فِي الْفُقَرَاءِ ، وَفِي الْقُرْبَى ، وَفِي الرِّقَابِ ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَابْنِ السَّبِيلِ ، وَالضَّيْفِ ، لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ ، وَيُطْعِمَ غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ ).
وأما إن كانت وقفت هذا البيت في مرض موتها ، فإنه يأخذ حكم الوصية ، والوصية لا تنفذ إلا في ثلث التركة ، وما زاد على الثلث فإنه يتوقف على إجازة الورثة .
فإن كان البيت لا يزيد عن ثلث مالها ، فجميعه وقف . وإن كان أكثر من الثلث ، فإن الوصية تمضي فيما يعادل ثلث التركة ، ويتوقف الباقي على موافقة الورثة ، فإن لم يوافقوا فإنهم يقتسمونه ميراثاً .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (5/365) : " الوقف في مرض الموت , بمنزلة الوصية , في اعتباره من ثلث المال ; لأنه تبرع , فاعتبر في مرض الموت من الثلث , كالعتق والهبة وإذا خرج من الثلث , جاز من غير رضا الورثة ولزم , وما زاد على الثلث , لزم الوقف منه في قدر الثلث , ووقف الزائد على إجازة الورثة ، لا نعلم في هذا خلافا عند القائلين بلزوم الوقف ; وذلك لأن حق الورثة تعلق بالمال بوجود المرض , فمنع التبرع بزيادة على الثلث" انتهى .
تعليق