الحمد لله.
أولا :
عقد الإجارة المنتهي بالتمليك ، له صور ، منها الجائز ، ومنها الممنوع ، ومن الصور الجائزة أن يكون هناك عقدان مستقلان ، عقد الإجارة ، مع وعد بالتمليك ، ولا يتم التمليك إلا بعقد بيع مستقل بعد انتهاء عقد الإجارة ، ويكون لكل من الطرفين حرية الاختيار في إنشاء هذا العقد أو عدم إنشائه .
وينظر جواب السؤال رقم (14304) .
وقد صدر عن مجمع الفقه الإسلامي قرار في هذا الشأن في دورته الثانية عشرة بالرياض من 25 جمادى الآخرة 1421هـ إلى غرة رجب 1421هـ (23-28 سبتمبر 2000م).
وهذا نص القرار:
" قرار رقم: 110(4/12) بشأن موضوع الإيجار المنتهي بالتمليك .
إن مجلس الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورته الثانية عشرة بالرياض في المملكة العربية السعودية من 25 جمادى الآخرة 1421هـ إلى غرة رجب 1421هـ (23-28 سبتمبر 2000).
بعد اطلاعه على الأبحاث المقدمة إلى المجمع بخصوص موضوع (الإيجار المنتهي بالتمليك ). وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حول الموضوع بمشاركة أعضاء المجمع وخبرائه وعدد من الفقهاء.
قرر ما يلي:
الإيجار المنتهي بالتمليك:
أولا: ضابط الصور الجائزة والممنوعة ما يلي:
1- ضابط المنع: أن يرد عقدان مختلفان في وقت واحد على عين واحدة في زمن واحد.
2- ضابط الجواز:
* وجود عقدين منفصلين يستقل كل منهما عن الآخر زمانا، بحيث يكون إبرام عقد البيع بعد عقد الإجارة، أو وجود وعد بالتمليك في نهاية مدة الإجارة، والخيار يوازي الوعد في الأحكام.
* أن تكون الإجارة فعلية وليست ساترة للبيع.
3- أن يكون ضمان العين المؤجرة على المالك لا على المستأجر، وبذلك يتحمل المؤجر ما يلحق العين من غير ناشئ من تعد المستأجر، أو تفريطه، ولا يلزم المستأجر بشيء إذا فاتت المنفعة.
4- إذا اشتمل العقد على تأمين العين المؤجرة فيجب أن يكون التأمين تعاونيا إسلاميا لا تجاريا، ويتحمله المالك المؤجر وليس المستأجر.
5- يجب أن تطبق على عقد الإجارة المنتهية بالتمليك أحكام الإجارة طوال مدة الإجارة ، وأحكام البيع عند تملك العين.
6- تكون نفقات الصيانة غير التشغيلية على المؤجر لا على المستأجر طوال مدة الإجارة.
ثانيا: من صور العقد الممنوعة:
1- عقد إجارة ينتهي بتملك العين المؤجرة مقابل ما دفعه المستأجر من أجرة خلال المدة المحددة، دون إبرام عقد جديد، بحيث تنقلب الإجارة في نهاية المدة بيعا تلقائيا.
2- إجارة عين لشخص بأجرة معلومة ولمدة معلومة مع عقد بيع له معلق على سداد جميع الأجرة المتفق عليها خلال المدة المعلومة، أو مضاف إلى وقت في المستقبل.
3- عقد إجارة حقيقي، واقترن به بيع بخيار الشرط لصالح المؤجر، ويكون مؤجلا إلى أجل محدد (هو آخر مدة عقد الإيجار). وهذا ما تضمنته الفتاوى والقرارات الصادرة من هيئات علمية ومنها: هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية.
ثالثا: من صور العقد الجائزة:
1- عقد إجارة يمكن المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة مقابل أجرة معلومة في مدة معلومة، واقترن به عقد هبة العين للمستأجر معلقا على سداد كامل الأجرة، وذلك بعقد مستقل، أو وعد بالهبة بعد سداد كامل الأجرة (وذلك وفق ما جاء في قرار المجمع بالنسبة للهبة رقم (13/1/3) في دورته الثالثة).
2- عقد إجارة مع إعطاء المالك الخيار للمستأجر بعد الانتهاء من وفاء جميع الأقساط الإيجارية المستحقة خلال المدة في شراء العين المأجورة بسعر السوق عند انتهاء مدة الإجارة (وذلك وفق قرار المجمع رقم 44(6/5) في دورته الخامسة).
3- عقد إجارة يمكن المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة مقابل أجرة معلومة، في مدة معلومة واقترن به وعد ببيع العين المؤجرة للمستأجر بعد سداد كامل الأجرة بثمن يتفق عليه الطرفان.
4- عقد إجارة يمكن المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة مقابل أجرة معلومة، في مدة معلومة، ويعطي المؤجر للمستأجر حق الخيار في تملك العين المؤجرة في أي وقت يشاء على أن يتم البيع في وقته بعقد جديد بسعر السوق (وذلك وفق قرار المجمع السابق رقم 44/6(5)) أو حسب الاتفاق في وقته.
رابعا: هناك صور من عقود التأجير المنتهي بالتمليك محل خلاف، وتحتاج إلى دراسة تعرض في دورة قادمة إن شاء الله تعالى " انتهى.
ثانيا :
تبين من خلال قرار المجمع أنه في حال اشتمال العقد على تأمين العين المؤجرة فيجب أن يكون التأمين تعاونيا إسلاميا لا تجاريا ، ويتحمله المالك المؤجر وليس المستأجر ، سواء كان التأمين شاملا أو جزئيا .
والمقصود أنه لا يجوز إلزام المستأجر أو المشتري بالتأمين على العين المؤجرة أو المشتراة ، بل هذا يتحمله المؤجر إن رغب في ذلك ، لأن ضمان العين المؤجرة عليه لا على المستأجر ، ولا يضمن المستأجر إلا إذا فرط أو تعدى .
فإذا شرط المؤجر على المستأجر التأمين ، فالشرط فاسد ، وهو كاشتراط الضمان عليه من حيث المعنى ، وهل يفسد العقد بذلك أو لا ؟
قال في "المغني" (5/311) : " فإن شرط المؤجر على المستأجر ضمان العين , فالشرط فاسد ; لأنه ينافي مقتضى العقد . وهل تفسد الإجارة به ؟ فيه وجهان , بناء على الشروط الفاسدة في البيع . قال أحمد , فيما إذا شرط ضمان العين : الكراء والضمان مكروه . وروى الأثرم , بإسناده , عن ابن عمر , قال : لا يصلح الكراء بالضمان . وعن فقهاء المدينة أنهم كانوا يقولون : لا نكتري بضمان , إلا أنه من شرط على كري أنه لا ينزل متاعه بطن واد , أو لا يسير به ليلا , مع أشباه هذه الشروط , فتعدى ذلك , فتلف شيء مما حمل في ذلك التعدي , فهو ضامن , فأما غير ذلك , فلا يصح شرط الضمان فيه , وإن شرطه لم يصح الشرط " انتهى.
وقال في "درر الحكام شرح مجلة الأحكام" (1/514) : " إذا شرط الضمان على المستأجر في حال تعيب أو هلاك المأجور بلا تعد ولا تقصير ، أو شرط رد المأجور إلى المؤجر بلا عيب تكون الإجارة فاسدة " انتهى .
وصرح المالكية أيضا بفساد الإجارة عند اشتراط الضمان على المستأجر . ينظر : المدونة (3/450)، بلغة السالك (4/42).
وفي "الموسوعة الفقهية" (1/286) : " ولا يجوز اشتراط صيانة العين على المستأجر , لأنه يؤدي إلى جهالة الأجرة , فتفسد الإجارة بهذا الاشتراط باتفاق المذاهب . وإن سكن المستأجر , لزمه أجر المثل , وله ما أنفق على العمارة , وأجر مثله في القيام عليها إن كان فعل ذلك بإذنه , وإلا كان متبرعا " انتهى .
والحاصل : أن التأمين التجاري محرم ، سواء كان الذي سيقوم به البائع أم المشتري ، أما إذا كان التأمين تعاونيا إسلاميا ، فهو جائز ويجب أن يقوم به البائع .
والله أعلم .
تعليق