الحمد لله.
أولا :
نحمد الله تعالى أن وفقك للزوم طريق الهداية والاستقامة ، ونسأله سبحانه لك المزيد من فضله.
ثانيا :
ينبغي للمرأة أن تحرص على الزواج من صاحب الدين والخلق الذي يحفظها ويرعاها ، ويمكنها من تطبيق دينها ، ويعينها على ذلك ، كما يعينها على تربية الذرية الصالحة على مبادئ الإسلام وأخلاقه .
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض ) رواه الترمذي ( 1084 ) من حديث أبي هريرة، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
ثالثا :
لا يصح النكاح إلا بولي ، وليس للمرأة أن تزوج نفسها ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا نكاح إلا بولي) رواه أبو داود ( 2085 ) والترمذي (1101 ) وابن ماجه (1881) من حديث أبي موسى الأشعري ، وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل . . . فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له ) رواه أحمد ( 24417) وأبو داود (2083) والترمذي (1102) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (2709) .
لكن إن منع الولي موليته من الزواج بكفء رضيت به ، كان عاضلا ، وانتقلت الولاية منه إلى من بعده من العصبة .
قال ابن قدامة رحمه الله : "ومعنى العضل : منع المرأة من التزويج بكفئها إذا طلبت ذلك ، ورغب كل واحد منهما في صاحبه...
وسواء طلبت التزويج بمهر مثلها أو دونه ، وبهذا قال الشافعي وأبو يوسف ومحمد . . .
فإن رغبت في كفء بعينه ، وأراد تزويجها لغيره من أكفائها ، وامتنع من تزويجها من الذي أرادته ، كان عاضلا لها.
فأما إن طلبت التزويج بغير كفئها فله منعها من ذلك ، ولا يكون عاضلا لها " انتهى من "المغني" (9/383).
وحيث إن الغالب أن الأولياء يمتنعون عن التزويج في مثل هذه الحالة ، فلا حرج أن ترفع المرأة مسألتها للقاضي الشرعي ، فيطلب هو من الأولياء تزويجها ، فإن أبوا زوجها بنفسه .
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم : (فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له) .
وعلى هذا ، فعقد نكاحك صحيح ، لا يجوز نقضه ؛ لتولي القاضي الشرعي له بعد عضل أبيك .
رابعا :
الواجب أن تبرّي والديك ، وتحسني إليهما ، وتصليهما ولو بالكلام عن طريق الهاتف ، إلى أن تهدأ نفوسهما ، وتتمكني من زيارتهما ، فإن حق الوالدين عظيم ، ولهذا تكررت الوصية بهما في القرآن الكريم ، قال تعالى : ( وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) العنكبوت/8 ، وقال سبحانه : ( وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) لقمان/14، 15 .
وليس لك أن تقاطعيهما ، بل اسعي في تهدئتهما ، وتطمينهما ، وتوددي إليهم بالمال والهدايا ، لكسب قلبيهما ، وسلي الله تعالى الهداية لأهلك .
وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى .
والله أعلم .
تعليق