الحمد لله.
أولا :
تجب الكفارة والدية في حال تفريط السائق ، كعدم التزامه بالسرعة المحددة ، أو إهماله في فحص السيارة وإصلاح خللها ، وأما ما حدث بغير تفريط منه كانفجار الإطار الصالح فجأة ، فلا ضمان عليه فيه ولا كفارة .
وحيث إنه لا يُعرف سبب انقلاب سيارة والدك ، كما لا يعرف سائقها وقت الحادث ، فلا يلزم والدك شيء ، إلا إن صدر حكم بوجوب الدية عليه ممن عرف الحادث وملابساته .
وينبغي لكم مراجعة المحكمة الشرعية في ذلك .
ثانيا :
إذا كان المرور قد قرر الخطأ على أخيك بنسبة 75% فعليه كفارة قتل الخطأ ، وهي عتق رقبة ، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ، لقوله تعالى : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا ) إلى قوله سبحانه : ( فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ) النساء/92
وحيث إن أخاك مات في الحادث ، فإن أمكن إيجاد رقبة مؤمنة ، فيلزمكم أن تخرجوا من تركته ما تشترى به هذه الرقبة ، ثم تعتق .
وهذا موجود الآن ولكنه قليل أو نادر ، ويمكنك سؤال الجمعيات الخيرية عن ذلك ، فبعضها يقوم بشراء العبيد وإعتاقهم في بلدانهم ، وإذا لم يمكن العثور على رقبة مؤمنة ، فلا يلزمكم الصيام عنه ، لكن لو تبرع أحدكم بالصيام عنه ، فهذا حسن ، ونافع بإذن الله ، ولا يجوز أن يشترك أكثر من واحد في الصيام ، بل يصوم الشهرين المتتابعين شخص واحد .
والأصل أن يقوم بالصيام أحد أقاربه ، ولا حرج أن يصوم غير القريب ، وينبغي أن يكون تبرعا بلا أجرة .
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (21/324) : " إذا كان الواقع من والدك ما ذكرت فإن عليه كفارة قتل الخطأ ، وهي عتق رقبة مؤمنة فإن لم توجد فصيام شهرين متتابعين ؛ لقول الله سبحانه وتعالى : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا ) إلى قوله سبحانه : ( فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ) .
وما دام توفي ولم يؤد ما وجب عليه فإنه يجب على وليه شراء رقبة مؤمنة من تركته وإعتاقها عنه ، فإن لم يوجد في التركة ما يفي بذلك ، أو لم توجد رقبة فإنه يستحب لوليه أن يصوم عنه شهرين متتابعين ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من مات وعليه صوم صام عنه وليه ) متفق على صحته " انتهى .
وجاء فيها (21/289) أيضا ، فيمن وجبت عليه كفارة قتل الخطأ لكونه صدم امرأة وماتت ، ثم مات هو قبل أن يكفّر : " صيام الشهرين الذي كان واجبا على أخيك كفارة عن قتل الخطأ لكنه مات قبل أن يتمكن من أدائه يكون باقيا في ذمته ، ولا يلزم أحدا أن يصوم عنه ، لا أولاده ولا غيرهم ، ولكن من تبرع بذلك وصام عنه فله الأجر ، وتبرأ به ذمة الميت إن شاء الله ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من مات وعليه صوم صام عنه وليه ) متفق على صحته من حديث عائشة رضي الله عنها ، والولي هو القريب " انتهى .
وجاء فيها (21/326) : " ولا يجوز أن يشترك في صيام الكفارة الواحدة أكثر من واحد ، وإنما المشروع أن يتولى الكفارة الواحدة شخص واحد " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " مسألة : هل يلزم إذا قلنا بالقول الراجح إن
الصوم يشمل الواجب بأصل الشرع ، والواجب بالنذر - أن يقتصر ذلك على واحد من الورثة
؛ لأن الصوم واجب على واحد ؟ الجواب : لا يلزم ؛ لأن قوله صلى الله عليه وسلم : (
صام عنه وليه ) مفرد مضاف فيعم كل ولي وارث ، فلو قدر أن الرجل له خمسة عشر ابنا ،
وأراد كل واحد منهم أن يصوم يومين عن ثلاثين يوما فيجزئ . ولو كانوا ثلاثين وارثا
وصاموا كلهم يوما واحدا فيجزئ لأنهم صاموا ثلاثين يوما ، ولا فرق بين أن يصوموها في
يوم واحد أو إذا صام واحد صام الثاني اليوم الذي بعده ، حتى يتموا ثلاثين يوما .أما
في كفارة الظهار ونحوها فلا يمكن أن يقتسم الورثة الصوم لاشتراط التتابع ، ولأن كل
واحد منهم لم يصم شهرين متتابعين . وقد يقول قائل : يمكن بأن يصوم واحد ثلاثة أيام
، وإذا أفطر صام الثاني ثلاثة أيام وهلم جرا حتى تتم ؟ فيجاب بأنه لا يصدق على واحد
منهم أنه صام شهرين متتابعين ، وعليه فنقول : إذا وجب على الميت صيام شهرين
متتابعين ، فإما أن ينتدب له واحد من الورثة ويصومها ، وإما أن يطعموا عن كل يوم
مسكينا
" انتهى من "الشرح الممتع" (6/452).
وإن لم تجدوا من يصوم إلا بأجرة فلا حرج ، قال في "مغني المحتاج" (2/173) : " لو
صام أجنبي بإذن الولي أي القريب ، أو بإذن الميت بأن أوصى به ، سواء أكان بأجرة أم
لا ، صح قياسا على الحج " انتهىبتصرف
.
والله أعلم .
تعليق