الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

ما الحكم في صيغة دعاء خاص للحفظ من وباء كورونا؟

تاريخ النشر : 05-12-2021

المشاهدات : 3935

السؤال

انتشر على وسائل التواصل صيغة دعاء وتوسل، بغرض الحفظ من وباء كورونا، فما حكم هذا الكلام ؟ وما حكم القسم علي الله بآيات القرآن وما شابهها؟ كتفصيل، هذه هي صيغة الدعاء المنتشر : "إنا لله وإنا إليه راجعون، يا أيها الجندي المسمى بفيروس كورونا، بسم الله العظيم المنان خالق الإنس والجان، أقسم عليك بحق (حم)، واسم الله العظيم أن لا تفجعنا في أنفسنا، أقسمت عليك بالمواثيق الربانية، وكل العهود ألا تقترب من أبنائنا بحق (يس) واسم الله المبين، نقسم عليك بحق (ص والقرآن ذي الذكر ) يا حق يا منان يا ملك يا ديان يا خالق الأكوان نسألك الأمان الأمان، نقسم عليك بحق (الم) واسم الله الجبار، ألا تقترب من الأجساد الفانية، أقسمت عليك باللوح والقلم، وما خط من جوامع الكلم بحق (نون والقلم وما يسطرون)، نقسم عليك بحق (ق والقرآن المجيد) واسم الله الشافي، نقسم عليك بحق (الخنس الجوار الكنس والليل إذا عسعس والصبح إذا تنفس) ألا تقترب من المؤمنين والصالحين، والمحسنين، وكبار السن، والشباب، والأطفال، وجميع الأمهات، والآباء، والأبناء، وألا تفجع قلوبنا بأحبتنا، ولاتمسهم أبداً، لقد طال البلاء والوباء، وعجز الأطباء، وقل الدواء، وعجزت حلول الأرض، وبقيت حلول السماء، اللهم فاصرف عنا ما عجز عنه الأطباء، إنك مجيب الدعوات يا رب العالمين، بحق سيدنا محمد وآله وصحبه الطيبين الطاهرين، اللهم اصرفه عن بلادنا، وسائر البلاد، وكأنه لم يكن وبأسرع وقت يا أرحم الراحمين، آمين، آمين، آمين".

ملخص الجواب

 من ينظر في هذا الدعاء، وجمله، وترتيب كلماته، أدنى نظر، يرى فيه أنه أشبه ما يكون بسجع الكهان، وكلام السحرة والمشعوذين، وليس هو ما يليق بمقام التضرع والدعاء والافتقار إلى الله جل جلاله، والدعاء برفع الداء والوباء. وينظر للأهمية الجواب المطول لمعرفة ما اشتملت عليه الصيغة الواردة في السؤال من محاذير 

الجواب

الحمد لله.

هذه الصيغة من الأدعية؛ هي من الأمور المبتدعة التي على المسلم أن يتجنبها؛ وهذا لأمور:

الأمر الأول:

لأن هذا ليس بدعاء شرعي بل هو من باب العبث؛ لأن فيه مخاطبة مالا يعقل والقسم عليه بأن يفارق الناس. وهذه ليست هيئة الأدعية المشروعة التي جوهرها التضرع إلى الله تعالى واظهار الافتقار إليه وأن الأمر بيديه.

الأمر الثاني:

اشتمال هذه الصيغة على القسم المبتدع على المخلوق الذي لا يعقل ولا يسمع، كمثل عبارة: " نقسم عليك بحق (ص والقرآن ذي الذكر) يا حق يا منان".

جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ":

" ليس لأحد أن يحلف بحق القرآن؛ لأن حق القران تعظيمه منا واتباعه والإيمان بأنه كلام الله سبحانه، وهذه كلها من أفعالنا، والمخلوق لا يحلف به ولا بأفعاله، وإنما الحلف يكون بالله سبحانه أو باسم من أسمائه أو صفة من صفاته سبحانه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلَا يَحْلِفْ إِلَّا بِاللهِ، أَوْ لِيَصْمُتْ).

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عبد الله بن قعود، عبد الله بن غديان، عبد الرزاق عفيفي، عبد العزيز بن عبد الله بن باز " انتهى من"فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى" (24/363).

الأمر الثالث:

اشتمال هذه الصيغة على التوسل غير المشروع الذي لم يأت به الشرع، وذلك في عبارة: " بحق سيدنا محمد وآله وصحبه الطيبين الطاهرين اللهم اصرفه عن بلادنا ".

راجع للأهمية جواب السؤال رقم: (23265)، ورقم: (125339).

الأمر الرابع:

الدعاء عبادة، والعبادة لا تشرع إلا بنص، وليس بمجرد التشهي، فلا يصح أن يخترع الشخص صيغة دعاء لمرض معين بلا دليل ، ويدعو الناس إلى العمل بها.

قال القرطبي رحمه الله تعالى:

" والاعتداء في الدعاء على وجوه: ...

ومنها أن يدعو بما ليس في الكتاب والسنة، فيتخير ألفاظا مفقرة، وكلمات مسجعة، قد وجدها في كراريس لا أصل لها ولا معول عليها، فيجعلها شعاره ويترك ما دعا به رسوله عليه السلام، وكل هذا يمنع من استجابة الدعاء، كما تقدم في سورة البقرة بيانه " انتهى من"تفسير القرطبي" (9 / 248).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" لا ريب أن الأذكار والدعوات من أفضل العبادات، والعبادات مبناها على التوقيف، والاتباع، لا على الهوى والابتداع، فالأدعية والأذكار النبوية هي أفضل ما يتحراه المتحري من الذكر والدعاء، وسالكها على سبيل أمان وسلامة، والفوائد والنتائج التي تحصل: لا يعبر عنه لسان، ولا يحيط به إنسان، وما سواها من الأذكار قد يكون محرما، وقد يكون مكروها، وقد يكون فيه شرك مما لا يهتدي إليه أكثر الناس، وهي جملة يطول تفصيلها.

وليس لأحد أن يسن للناس نوعا من الأذكار والأدعية غير المسنون ويجعلها عبادة راتبة يواظب الناس عليها كما يواظبون على الصلوات الخمس؛ بل هذا ابتداع دين لم يأذن الله به؛ بخلاف ما يدعو به المرء أحيانا من غير أن يجعله للناس سنة، فهذا إذا لم يُعلم أنه يتضمن معنى محرما، لم يجز الجزم بتحريمه ... " انتهى من"مجموع الفتاوى" (22 /510–511).

فعلى المسلم أن يتأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم في الأدعية والأذكار؛ حيث قال الله تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا الأحزاب/21.

والواقع أن من ينظر في هذا الدعاء، وجمله، وترتيب كلماته، أدنى نظر، يرى فيه أنه أشبه ما يكون بسجع الكهان، وكلام السحرة والمشعوذين، وليس هو ما يليق بمقام التضرع والدعاء والافتقار إلى الله جل جلاله، والدعاء برفع الداء والوباء.

ومن الكتب النافعة المشتملة على الأدعية والأذكار التي يحتاجها المسلم في يومه وليلته وفي المناسبات، كتاب "حصن المسلم من أذكار الكتاب والسنة" للشيخ سعيد بن على بن وهف القحطاني.

وينظر للفائدة: جواب سؤال :(بعض الأدعية والأدوية لمن يشتكي من ألم في بدنه )، وسؤال :(هل يجوز القنوت في الصلاة عند نزول الوباء ؟ )، وسؤال:(دعاء القنوت عند المصائب الخاصة ، أو شدة المرض ). 

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب