الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

ما حكم شراء كنيسة لتحويلها لمسكن خاص ؟ وما حكم ما فيها من صلبان وصور ؟

تاريخ النشر : 27-03-2011

المشاهدات : 14228

السؤال

ما حكم من اشترى بيتاً كان يُستخدم كنيسة في السابق ؟ فنحن نعيش في الغرب ، وسننتقل للعيش في مدينة أخرى غير التي نحن فيها الآن ، وقد بحثنا عن بيت لنشتريه ونسكن فيه ، فكان من ضمن ما وجدنا بيتاً كان يُستخدم ككنيسة في السابق ، وما زالت رموز الكنيسة موجودة فيه ، فعلى سبيل المثال يوجد في مقدمة البناء لافتة عليها عبارة " كنيسة المسيح " ، ولا يمكننا أن نزيل هذه الأشياء لأن البلد أصلاً بلد مسيحي وهذه أمور حساسة ولن يسمحوا لنا بإزالتها حتى وإن كانوا يعرفون أنها تحولت إلى بيت ، إن ما أعجبني في هذا البيت ( الكنيسة ) أنه كبير وواسع يفي بكل متطلبات الأسرة ، لكن لن نُقدم على أي خطوة حتى نعلم الحكم الشرعي أولاً ، فأرجو التوضيح والنصح ، وجزاكم الله خيراً .

الجواب

الحمد لله.


أولاً:
لا حرج على من اشترى كنيسة فحوَّلها لمسجد لتصير بيتاً من بيوت الله يقام فيه التوحيد ويكون مكاناً لصلاة المسلمين - كما بينَّاه في جواب السؤال رقم ( 2194 ) – ولا حرج أيضا في تحويلها إلى مسكن خاص ، كما هو الحال في السؤال .

ثانياً:
يُشترط في حال تحولها لبيت من بيوت الله تعالى ، أو لمسكن خاص : أن تُطمس صورها وتماثيلها وأصنامها ، وأن تزال صلبانها ، وشعارات الكفر منها .
وقد دل على ذلك أحاديث ، منها :
1. عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ أَبَى أَنْ يَدْخُلَ الْبَيْتَ وَفِيهِ الْآلِهَةُ فَأَمَرَ بِهَا فَأُخْرِجَتْ فَأَخْرَجُوا صُورَةَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ فِي أَيْدِيهِمَا الْأَزْلَامُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( قَاتَلَهُمْ اللَّهُ أَمَا وَاللَّهِ قَدْ عَلِمُوا أَنَّهُمَا لَمْ يَسْتَقْسِمَا بِهَا قَطُّ ) .
رواه البخاري ( 4037 ) .
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :
"( وفيه الآلهة ) أي : الأصنام ، وأطلق عليها الآلهة باعتبار ما كانوا يزعمون ... .
وكانت تماثيل على صوَر شتى فامتنع النبي صلى الله عليه وسلم من دخول البيت وهي فيه لأنه لا يُقرُّ على باطل ، ولأنه لا يحب فراق الملائكة وهي لا تدخل ما فيه صورة " انتهى من" فتح الباري " ( 3 / 469 ) .
2. عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَتْرُكُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا فِيهِ تَصَالِيبُ إِلَّا نَقَضَهُ .
رواه البخاري ( 5952 ) .
قال الشوكاني - رحمه الله - :
"قوله ( فيه تصاليب ) أي صورة صليب من نقش ثوب أو غيره ، والصليب فيه صورة عيسى عليه السلام ، تعبده النصارى
قوله ( نَقَضه ) .. أي : كسره وأبطله وغيَّر صورة الصليب . وفي رواية أبي داود ( قَضَبَه ) .. أي : قطع موضع التصليب منه دون غيره ، والقضب : القطع كذا قال ابن رسلان .
والحديث : يدل على عدم جواز اتخاذ الثياب والستور والبسط وغيرها التي فيها تصاوير"
انتهى من" نيل الأوطار " ( 2 / 97 ) .
وقال علماء اللجنة الدائمة :
"لا يجوز الإبقاء بل يجب القضاء عليه – أي : الصليب - وإزالته بما يذهب بمعالمه من كسر ومحو وطمس وغير ذلك ، ولا يجوز بيعه ولا الصلاة عليه" .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود . انتهى من" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 3 / 438 ) .
فالأحاديث واضحة الدلالة على تحريم بقاء الصلبان والصور المحرَّمة لذوات الأرواح على جدران الكنيسة التي اشتريتها لتجعلها منزلاً لك ولأسرتك ، فلا تتردد في محوها وطمسها ونقضها بما يزيل معالمها .

ثالثاً:
أما الزخرفة التي لا يختص بها النصارى وليست هي من شعارات دينهم : فلا حرج في بقائها منقوشة على الجدران .
وأما بخصوص اسم " كنيسة المسيح " الموضوع على لوحة خارج البيت : فلا بدَّ من السعي لإزالته ، على أن تسلك الحكمة في ذلك بسبب ما ذكرته من أحوال لجيرانك وأهل بلدتك ، ويمكنك الاستعانة ببعض العقلاء ليقدموا شكوى للبلدية – مثلاً – لجعل تغييرها يكون بطلب منهم لما يُحدثه بقاء الاسم من تغرير بالناس ، كما يمكنك التقدم أنت بنفسك للبلدية – أو غيرها – لتغيير الاسم بسبب إزعاج القادمين للمنزل ظانين أنه كنيسة ، أو غير ذلك من الطرق المناسبة بحسب ما يشير عليك عقلاء أهل بلدك ، فلكل بلد ظروفها الخاصة بها ، والمهم أن يكون منك سعي لإزالة اللوحة ولو تأخر الأمر في ذلك ، على أنه لا سلطة لأحد عليك في بيتك فلا تُعذر في التأخر بطمس الصلبان والأصنام والصور المحرَّمة فيه .

فإذا علمت ، أو غلب على ظنك ، أنك لا تستطيع إزالة اللوحة الخارجية ، أو لا تستطيع إزالة الصلبان من هذا المكان ، سواء كان داخله أو خارجه ، وأنه سوف يتحتم بقاء شيء من شعارات الكفر فيه : فلا يحل لك شراؤه ولا سكنه ، فلتبحث عن منزل آخر يناسبك ، ومن ترك شيئا لله أبدله الله خيرا منه .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب