الحمد لله.
ما قمتم به من إرسال بعض الأطفال إلى تلك الدار لتعلم العلوم الإسلامية ، أمر يدل على حرصكم على تربية الأبناء وتعليمهم أمر دينهم ، فنسأل الله تعالى لكم الأجر والثواب .
وما جرى لابنتكم هناك من الأمر السيئ الذي أشرتم إليه ، مما يؤسف له ويحزن لأجله ، لأن هذه الدور ينتظر منها أن تكون مثالا للأمانة والرعاية والخلق الحسن .
مع أن بداية المشكلة كانت ـ فعلا ـ في إرسال الأبناء بعيدا عن أنظاركم ورعايتكم ، أيا كان نوع الدراسة التي سوف يدرسونها ، وأيا كان المسؤول عنها ، خاصة إذا كان فيهم إناث ، لكن قدر الله وما شاء فعل ، ولنأخذ من الماضي عبرة ودرسا ، وإن كان قاسيا مرا .
وأمام المشكلة التي ذكرت نشير عليك ببعض الأمور :
أولا : التقرب من الأبناء ، والجلوس معهم ، ومصارحتهم ، والتعرف على رغباتهم وميولهم ، وطلب الاقتراحات المناسبة منهم ، ليشعروا أنهم جزء من حل المشكلة ، ويلزمهم اتخاذ القرار الذي ينبني عليه مستقبلهم .
وهذا من أهم وسائل العلاج ، فإن الحب إذا شاع في البيت أمكن أن يحل معه قدر كبير من المشاكل والأزمات ، لا سيما وهم يشعرون بتقصيركم وخطئكم نحوهم ، فابذلوا الوسع في تصحيح هذه الصورة ، وإبداء الرغبة في تحقيق ما يريدون مما يمكن تحقيقه .
ثانيا : محاولة دمجهم مع الجالية المسلمة في المكان الذي تعيشون فيه ، وإيجاد الأصدقاء الصالحين لهم .
ثالثا : الاستمرار في تعليمهم العلوم الإسلامية ، عن طريق المراكز الإسلامية ، أو الجامعات المفتوحة ، أو جلب من يعلمهم ويوجههم .
رابعا : إرسال الابن المتمرد إلى دار أخرى للتعليم ، ليحقق رغبته ، ويخفف من حدوث التوتر في البيت ، والتأثير على بقية إخوانه .
خامسا : البحث عن وسيلة للتعليم في غير المدارس النظامية التي يحبونها ، كالدراسات عن بعد ، بواسطة الإنترنت وغيره .
سادسا : الدعاء المستمر لهم بالصلاح والتوفيق ، فإن الله سبحانه يهدي من يشاء ، والقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء .
وإذا تطلب الأمر أن تنتقل الأسرة بكاملها من مكان الإقامة ، إلى حيث يتمكن الأبناء من مواصلة دراستهم ، والخروج من الأزمة التي يعيشون فيها ، والتي تربك الأسرة بكاملها ، فلا تبخلوا على أنفسكم وأبنائكم بذلك ، وعلى الرغم من صعوبة التضحية في مثل هذه الحال ، وعلى الرغم ـ أيضا ـ من أنها كثيرا ما تكون مكلفة جدا ، فإن أي تضحية أهون من التضحية بالأبناء ومستقبلهم ، وإن أي تكلفة سوف تكون أخف مما تعانونه وتعيشون فيه .
ونوصيكم باستشارة أهل الخير والصلاح ممن هو قريب منكم ، ويعلم واقع أبنائكم وطبائعهم .
نسأل الله لكم العون والتوفيق والسداد .
نسأل الله أن ييسر لكم أمركم ، وأن يصلح لنا ولكم ذرياتنا ، وأن يجعلهم ذخرا لدينه .
والله أعلم .
تعليق