الحمد لله.
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أدعية تقال في أول الوضوء وأخرى تقال بعده.
ما يُقال قبل الوضوء
فأما ما يقال في أول الوضوء فلم يثبت فيه إلا التسمية بلفظ: (بسم الله).
ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ رواه الترمذي (25). وقَالَ: وَفِي الْبَاب عَنْ عَائِشَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَأَنَسٍ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لا أَعْلَمُ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثًا لَهُ إِسْنَادٌ جَيِّدٌ انتهى كلام الترمذي.
والحديث صححه الألباني في صحيح الترمذي. وسبق في إجابة السؤال (21241) أن هذا الحديث مما اختلف العلماء في صحته.
ونقل النووي في “المجموع” (1/385) عن البيهقي قوله:
” أَصَحُّ مَا فِي التَّسْمِيَةِ حَدِيثُ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَضَعَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ الَّذِي فِيهِ الْمَاءُ ثُمَّ قَالَ: تَوَضَّئُوا بِاسْمِ اللَّهِ، قَالَ: فَرَأَيْت الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ، وَالْقَوْمُ يَتَوَضَّؤُنَ حَتَّى تَوَضَّئُوا مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ، وَكَانُوا نَحْوَ سَبْعِينَ رَجُلا. وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ. وَاحْتَجَّ بِهِ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِهِ “مَعْرِفَةِ السُّنَنِ وَالآثَارِ” وَضَعَّفَ الأَحَادِيثَ الْبَاقِيَةَ.” انتهى.
ما يُقال بعد الوضوء
وأما ما يقال بعد الوضوء: فقد وردت فيه عدة أحاديث.
ومجموع ما ورد أنه يقول:
أشْهَدُ أنْ لا إله إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيك لَهُ، وأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَوَّابِينَ، واجْعَلْني مِنَ المُتَطَهِّرِينَ، سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ، أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إِلاَّ أنْتَ، أسْتَغْفِرُكَ وأتُوبُ إِلَيْكَ.
روى مسلم (234) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ أَوْ فَيُسْبِغُ الْوَضُوءَ ثُمَّ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، إِلا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ، رواه مسلم (234).
زاد الترمذي (55): اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ التَّوَّابِينَ، وَاجْعَلْنِي مِنْ الْمُتَطَهِّرِينَ.
وهذه الزيادة ضعفها الحافظ ابن حجر رحمه الله، فإنه قال: “هذه الزيادة التي عند الترمذي لم تثبت في هذا الحديث” انتهى من “الفتوحات الربانية” (2/19).
وقد صححها الألباني في صحيح الترمذي. وجزم ابن القيم في “زاد المعاد” بثبوتها عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ، أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إِلاَّ أنْتَ، أسْتَغْفِرُكَ وأتُوبُ إِلَيْكَ.
فقد رواه النسائي في “عمل اليوم والليلة” والحاكم في المستدرك عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. وقد اختلف الرواة هل الحديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو من قول أبي سعيد رضي الله عنه؟
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
” والسند صحيح بلا ريب، إنما اختلف في رفع المتن ووقفه، فالنسائي جرى على طريقته في الترجيح بالأكثر والأحفظ، فلذا حكم عليه بالخطأ، وأما على طريق الشيخ المصنف (يعني النووي) تبعاً لابن الصلاح وغيرهم فالرفع عندهم مقدم لما مع الرافع من زيادة العلم، وعلى تقدير العمل بالطريقة الأخرى فهذا مما لا مجال للرأي فيه فله حكم الرفع ” انتهى من “الفتوحات الربانية” (2/21).
وقد صححه الألباني في “صحيح الترغيب” (225) و”السلسلة الصحيحة” (2333). وانظر: “تمام المنة” (ص 94- 98).
فهذا ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأذكار التي تقال على الوضوء، أما الدعاء عند غسل أعضاء الوضوء فلم يثبت فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ما يُقال أثناء الوضوء
قال النووي في الأذكار (ص 30):
وأما الدعاء على أعضاء الوضوء فلم يجئ فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن القيم في “زاد المعاد” (1/195):
ولم يحفظ عنه أنه كان يقول على وضوئه شيئا غير التسمية، وكل حديث في أذكار الوضوء الذي يقال عليه فكذب مختلق، لم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا منه، ولا علمه لأمته، ولا ثبت عنه غير التسمية في أوله، وقوله: أشْهَدُ أنْ لا إله إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيك لَهُ، وأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَوَّابِينَ، واجْعَلْني مِنَ المُتَطَهِّرِينَ في آخره، وفي حديث آخر في “سنن النسائي” مما يقال بعد الوضوء أيضاً: سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ، أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إِلاَّ أنْتَ، أسْتَغْفِرُكَ وأتُوبُ إِلَيْكَ انتهى.
وجاء في “فتاوى اللجنة الدائمة” (5/221):
“لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم دعاء أثناء الوضوء، وما يدعو به العامة عند غسل كل عضو بدعة، مثل قولهم عند غسل الوجه: (اللهم بيض وجهي يوم تسود الوجوه) وقولهم: عند غسل اليدين: (اللهم أعطني كتابي بيميني، ولا تعطني كتابي بشمالي) إلى غير ذلك من الأدعية عند سائر أعضاء الوضوء.” انتهى.
وينظر لمزيد الفائدة هذه الأجوبة: (148176، 272749، 102269، 325502).
والله أعلم.
تعليق