الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

وجود قبر النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده مع النهي عن اتخاذ القبور مساجد

السؤال

الحديث الشريف : ( لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ...الخ ) . فما القول في أن قبر الرسول عليه الصلاة والسلام موجود داخل مسجده بالمدينة ؟.

الجواب

الحمد لله.

قد تكلم العلماء قديماً وحديثاً في هذه المسألة ، وردوا على من استدل بوجود قبر النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده على جواز اتخاذ القبور مساجد ، أو إدخال القبور في المساجد ، وسنذكر هاهنا فتاوى لبعض علمائنا المحققين ، وفيها تفصيل ما في السؤال من إشكال .

1. قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :

" هنا شبهة يشبه بها عُبَّاد القبور ، وهي : وجود قبر النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده ، والجواب عن ذلك : أن الصحابة رضي الله عنهم لم يدفنوه في مسجده ، وإنما دفنوه في بيت عائشة رضي الله عنها ، فلما وَسَّعَ الوليد بن عبد الملك مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في آخر القرن الأول أدخل الحجرة في المسجد ، وقد أساء في ذلك ، وأنكر عليه بعض أهل العلم ، ولكنه اعتقد أن ذلك لا بأس به من أجل التوسعة .

فلا يجوز لمسلم أن يحتج بذلك على بناء المساجد على القبور ، أو الدفن في المساجد ؛ لأن ذلك مخالف للأحاديث الصحيحة ؛ ولأن ذلك أيضا من وسائل الشرك بأصحاب القبور " انتهى . "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (5/388، 389) .

2. سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله عن حكم الصلاة في مسجد فيه قبر ؟

فأجاب :

" الصلاة في مسجد فيه قبر على نوعين :

الأول : أن يكون القبر سابقاً على المسجد ، بحيث يبنى المسجد على القبر ، فالواجب هجر هذا المسجد وعدم الصلاة فيه ، وعلى من بناه أن يهدمه ، فإن لم يفعل وجب على ولي أمر المسلمين أن يهدمه .

والنوع الثاني : أن يكون المسجد سابقاً على القبر ، بحيث يدفن الميت فيه بعد بناء المسجد ، فالواجب نبش القبر ، وإخراج الميت منه ، ودفنه مع الناس .

وأما المسجد فتجوز الصلاة فيه بشرط أن لا يكون القبر أمام المصلي ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة إلى القبور .

أما قبر النبي صلى الله عليه وسلم الذي شمله المسجد النبوي فمن المعلوم أن مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بُنِيَ قبل موته فلم يُبْنَ على القبر ، ومن المعلوم أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدفن فيه ، وإنما دفن في بيته المنفصل عن المسجد ، وفي عهد الوليد بن عبد الملك كتب إلى أميره على المدينة وهو عمر بن عبد العزيز في سنة 88 من الهجرة أن يهدم المسجد النبوي ويضيف إليه حجر زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ، فجمع عمر وجوه الناس والفقهاء وقرأ عليهم كتاب أمير المؤمنين الوليد فشق عليهم ذلك ، وقالوا : تَرْكُها على حالها أدعى للعبرة ، ويحكى أن سعيد بن المسيب أنكر إدخال حجرة عائشة ، كأنه خشي أن يتخذ القبر مسجداً فكتب عمر بذلك إلى الوليد فأرسل الوليد إليه يأمره بالتنفيذ فلم يكن لعمر بُدٌّ من ذلك ، فأنت ترى أن قبر النبي صلى الله عليه وسلم لم يوضع في المسجد ، ولم يُبْنَ عليه المسجد ، فلا حجة فيه لمحتج على الدفن في المساجد أو بنائها على القبور ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " ، قال ذلك وهو في سياق الموت تحذيراً لأمته مما صنع هؤلاء ، ولما ذكرت له أم سلمة رضي الله عنها كنيسة رأتها في أرض الحبشة وما فيها من الصور قال : " أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح ، أو العبد الصالح بنوا على قبره مسجداً ، أولئك شرار الخلق عند الله " ، وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن مِن شرار الناس مَن تدركهم الساعة وهم أحياء ، والذين يتخذون من القبور مساجد " أخرجه الإمام أحمد بسند جيد .

والمؤمن لا يرضى أن يسلك مسلك اليهود والنصارى ، ولا أن يكون من شرار الخلق . "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (12/السؤال رقم 292) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب