الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024
العربية

هل عدم زيارة قبر الوالدين من العقوق؟

137688

تاريخ النشر : 09-10-2009

المشاهدات : 175996

السؤال

هل عدم زيارة قبر الوالدين يعتبر من العقوق؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :

زيارة القبور سنة مشروعة في حق الرجال ، بقصد الاتعاظ والاعتبار والدعاء لموتى المسلمين ؛ لما رواه مسلم (977) عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( قَدْ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ ، فَزُورُوهَا فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْآخِرَةَ ) .

قال النووي رحمه الله :

" أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ زِيَارَتهَا سُنَّة للرِّجَال " انتهى .

وقال الشيخ الفوزان حفظه الله :

" زيارة القبور مشروعة في حق الرجال دون النساء بقصد الدعاء للأموات والاستغفار لهم والترحم عليهم إذا كانوا مسلمين ، وبقصد الاتعاظ والاعتبار وتليين القلوب بمشاهدة القبور وأحوال الموتى " انتهى .

"المنتقى من فتاوى الفوزان" (41 / 15)

وقال ابن عثيمين رحمه الله :

إذا زار الإنسان القبور فليزرها متعظاً لا عاطفة ، فبعض الناس يزور قبر أبيه أو قبر أمه عاطفة وحناناً ومحبة ، وهذا وإن كان من طبيعة البشر ، لكن الأولى أن تزورها للعلة التي ذكرها النبي عليه الصلاة والسلام ، وهي تذكر الآخرة وتذكر الموت ، هؤلاء الذين في القبور الآن هم كانوا بالأمس مثلك على ظهر الأرض ، والآن أصبحوا ببطنها مرتهنين بأعمالهم ، لا يملكون زيادة حسنة ولا إزالة سيئة ، فتذكر " انتهى .

"دروس وفتاوى الحرم المدني" (ص51)

ويشترط لجواز زيارة القبور : ألا يسافر إليها ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، ومسجدي هذا ، والمسجد الأقصى ) متفق عليه .

قال علماء اللجنة الدائمة :

"تشرع زيارة القبور للرجال دون النساء إذا كانت في البلد – أي : بدون شد رحل - للعبرة والدعاء لهم إذا كانوا مسلمين ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام : ( كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ، فإنها تذكركم الآخرة ) " انتهى .

"فتاوى اللجنة الدائمة" (1 / 434)

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

"لا يجوز للإنسان أن يشد الرحل لزيارة قبر من القبور أياً كان صاحب هذا القبر" انتهى .

"فتاوى نور على الدرب" (7/ 196) .

ثانياً :

بر الوالدين يستمر بعد موتهما وذلك بالدعاء لهما ، وصلة قرابتهما ، وإنفاذ وصيتهما ، وإكرام صديقهما ، والصدقة عنهما ، والحج والعمرة إن كانا لم يحجا ولم يعتمرا ، وقضاء الدين عنهما ، وإيفاء الحقوق التي عليهما لأصحابها .

قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :

"دلت السنة على مشروعية بر الوالدين بعد وفاتهما ؛ بالدعاء لهما وتنفيذ وصيتهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما وإكرام صديقهما " انتهى .

"فتاوى اللجنة الدائمة" (25 / 182) .

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :

"من بر الوالدين : الصدقة عنهما ، والدعاء لهما ، والحج والعمرة عنهما" انتهى .

"مجموع فتاوى ابن باز" (8 / 344) .

وقال رحمه الله :

" خمسة أشياء : (الصلاة عليهما) : الدعاء ، ومن ذلك صلاة الجنازة .

والصلاة عليهما : الترحم عليهما أحق الحق ، ومن أعظم البر في الحياة والموت .

وهكذا الاستغفار لهما ، وسؤال الله أن يغفر لهما سيئاتهما ، هذا أعظم برهما حيين وميتين . وإنفاذ عهدهما من بعدهما ، الوصية التي يوصيان بها ، فالواجب على الولد ذكرا كان أو أنثى إنفاذها إذا كانت موافقة للشرع المطهر .

والخصلة الرابعة (إكرام صديقهما) إذا كان لأبيك أو لأمك أصدقاء وأحباب وأقارب فتحسن إليهم ، وتقدر لهم صحبة وصداقة والديك ، ولا تنس ذلك ، بالكلام الطيب ، والإحسان إذا كانا في حاجة إلى الإحسان ، وجميع أنواع الخير الذي تستطيعه ، فهذا برهما بعد وفاتهما .

والخصلة الخامسة : ( صلة الرحم التي لا توصل إلا بهما ) وذلك بالإحسان إلى أعمامك وأقارب أبيك ، وإلى أخوالك وخالاتك من أقارب أمك ، هذا من الإحسان بالوالدين ، وبر الوالدين أن تحسن إلى أقارب والديك الأعمام والعمات وأولادهم ، والأخوال والخالات وأولادهم . الإحسان إليهم وصلتهم كل ذلك من صلة الأبوين ومن إكرام الوالدين " انتهى .

"مجموع فتاوى ابن باز" (25 / 368-369) .

أما زيارة القبر فليست شرطا في بر الوالدين ، فبإمكان الولد أن يبر والديه بالدعاء وغيره وهو بعيد عنهما .

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

والدي متوفى منذ فترة طويلة وهو بعيدٌ عني ولا أستطيع أن أقوم بزيارته إلا بعد السنتين أو الثلاثة ، فهل باستطاعتي أن أبره بشيء وأنا بعيدٌ عنه ؟

فأجاب :

" المقصود بزيارة الموتى هو الدعاء لهم ، والدعاء لهم واصلٌ في أي مكانٍ كان الداعي فيه ؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علمٌ ينتفع به ، أو ولدٌ صالحٌ يدعو له ) فأنت ادع الله لوالدك في أي مكانٍ : بعيداً كنت أم قريباً ، ولا حاجة إلى زيارة قبره .

نعم ، لو كنت في نفس البلد جئت لحاجة وذهبت تزور أباك فلا بأس به ، أما أن تشد الرحل إلى قبره لتزوره فهذا منهيٌ عنه " انتهى .

"نور على الدرب" (7/196)

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب