الحمد لله.
الحكم بالنسبة لمن ابتلي بسلس البول ونحوه ممن كان حدثه مستمرا ، أنه يتوضأ لوقت كل صلاة وضوءا مستقلا عند دخول وقتها ، ولو كان قد توضأ للصلاة التي قبلها قريبا ؛ وذلك لما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إني امرأة أستحاض فلا أطهر ، أفأدع الصلاة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا ، إنما ذلك عرق وليس بحيض ، فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ثم صلي ، ثم توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت) رواه البخاري ( 226 ) – واللفظ له – ومسلم ( 333 ) .
وصاحب السلس ملحق عند أهل العلم بالمستحاضة ، قال العيني رحمه الله في "عمدة القاري" (3/280) : "ويلحق بالمستحاضة ما في معناها كمن به سلس البول والمذي والودي ومن به جرح يسيل" انتهى .
لكن إن علم أن البول ينقطع عنه في وقت يتسع لطهارته وصلاته ، لزمه تأخير الصلاة لذلك الوقت .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : "المريض المصاب بسلس البول ولم يبرأ بمعالجته عليه أن يتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها ، ويغسل ما يصيب بدنه ، ويجعل للصلاة ثوبا طاهرا إن لم يشق عليه ذلك ، وإلا عفي عنه ، لقول الله تعالى : (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) وقوله : (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ) وقوله صلى الله عليه وسلم : (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) ، ويحتاط لنفسه احتياطا يمنع انتشار البول في ثوبه أو جسمه أو مكان صلاته" انتهى من "فتاوى إسلامية" (1/192) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : "المصاب بسلس البول له حالان :
الأولى : إذا كان مستمرّاً عنده بحيث لا يتوقف ، فكلما تجمَّع شيء بالمثانة نزل : فهذا يتوضأ إذا دخل الوقت ويتحفظ بشيء على فرجه ، ويصلِّي ولا يضرُّه ما خرج .
الثانية : إذا كان يتوقف بعد بوله ولو بعد عشر دقائق أو ربع ساعة : فهذا ينتظر حتى يتوقف ثم يتوضأ ويصلِّي ، ولو فاتته صلاة الجماعة" انتهى .
"أسئلة لقاء الباب المفتوح" ( س 17 ، لقاء 67 ) .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن رجل تخرج منه غازات باستمرار ، فكيف يتوضأ ويصلي؟
فأجابت : "إذا كان حالك ما ذكر وأن الغازات مستمرة معك فعليك الوضوء لكل صلاة بعد دخول الوقت ولا يضرك ما يخرجك منك بعد ذلك . وأما الجمعة فتوضأ لها قبل دخول الخطيب في الوقت الذي يمكنك من سماع الخطبة وأداء الصلاة" انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (5/ 412) .
والذي يظهر لنا أنه لا يلزمك البقاء في قضاء الحاجة كل هذا الوقت الطويل الذي تذكره ، بل تقضي حاجتك ثم تخرج وتتوضأ وتصلي ، ولا يضرك ما نزل بعد الوضوء أو في الصلاة لأنك معذور .
ولمعرفة المزيد عن أحكام صاحب سلس البول ، راجع جواب السؤال رقم (22843) (2723) (39431) (39494) .
ونسأل الله تعالى أن يرفع عنك ما أصابك ويعافيك .
والله أعلم