الحمد لله.
أولاً :
الصلاة صحيحة ، ما دام المأموم داخل المسجد ، يرى إمامه أو من وراءه , أو يسمع تكبيراته ، ويمكن الاقتداء به .
قال النووي رحمه الله : "للإمام والمأموم في المكان ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يكونا في مسجد فيصح الاقتداء , سواء قربت المسافة بينهما أم بعدت لكبر المسجد , وسواء اتحد البناء أم اختلف كصحن المسجد وصُفَّتِه وسرداب فيه , مع سطحه وساحته والمنارة التي هي من المسجد تصح الصلاة في كل هذه الصور وما أشبهها إذا عَلم صلاة الإمام ، ولم يتقدم عليه , سواء كان أعلى منه أو أسفل ، ولا خلاف في هذا . ونقل أصحابنا فيه إجماع المسلمين ...إلخ" انتهى من "المجموع" (4/195) .
وقال في "الإنصاف" (2/293) : "...فإن كان المأموم في المسجد . فلا يشترط اتصال الصفوف بلا خلاف , قاله الآمدي , وحكاه المجد إجماعاً" انتهى .
ثانياً :
الأفضل في هذه الحال أن يقرب المأموم من إمامه للأحاديث الواردة في هذا الباب :
منها : حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم : (رَأَى فِي أَصْحَابِهِ تَأَخُّرًا ، فَقَالَ لَهُمْ : تَقَدَّمُوا فَأْتَمُّوا بِي ، وَلْيَأْتَمَّ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ ، لَا يَزَالُ قَوْمٌ يَتَأَخَّرُونَ حَتَّى يُؤَخِّرَهُمْ اللَّهُ) مسلم (438) .
ومنها : حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال :(..أَلَا تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟ فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَكَيْفَ تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟ قَالَ : يُتِمُّونَ الصُّفُوفَ الْأُوَلَ ، وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصَّفِّ) رواه مسلم (430) .
ومنها : عن أنس رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : (قَالَ أَتِمُّوا الصَّفَّ الْمُقَدَّمَ ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ ، فَمَا كَانَ مِنْ نَقْصٍ فَلْيَكُنْ فِي الصَّفِّ الْمُؤَخَّرِ) رواه أبو داود (671) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
لكن لو أن المأموم يتضرر أو لا يحصل له خشوع في صلاته ، إذا صلى في صحن المسجد ؛ لحر الشمس أو نزول المطر… فلا حرج عليه أن يصلي في مكان يستره مما يتأذى به ، سواء كان في قبو المسجد أو في الدور الثاني ، ولو أدى ذلك لعدم اتصال الصفوف .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
ما حكم الصلاة في الدور الثاني في سطح المسجد مع وجود سعة في الدور الأول سواء في المسجد الحرام أو في غيره من المساجد ؟
فأجاب :
"الصلاة في الدور الثاني من المسجد جائزة إذا كان معه أحد في مكانه يعني لم ينفرد بالصف وحده ، لكن الأفضل أن يكون مع الناس في مكانهم ؛ لأنه إذا كان مع الناس في مكانهم كان أقرب للإمام، وما كان أقرب إلى الإمام فهو أفضل" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (13/25) .
وقال أيضاً : "لكن قل لي : أيهما أفضل : أن يصلي في الطبقة التي فيها الإمام -لأن ذلك أقرب للإمام- أو أن يصلي في السطح ؟
هنا نقول : إذا كان صلاته في السطح أخشع له وأحضر لقلبه وأبعد عن التشويش فهو أفضل ؛ لأن الفضل المتعلق بذات العبادة أولى بمراعاة الفضل المتعلق بمكان العبادة" انتهى من لقاء "الباب المفتوح" .
والله أعلم