الحمد لله.
قال ابن الجوزي رحمه الله :
" وَقَوله: ( ويسمعنا الْآيَة أَحْيَانًا ) أَي : فِي وَقت ، وَذَلِكَ لَا يخرج
الصَّلَاة عَن كَونهَا صَلَاة إخفاء " انتهى .
"كشف المشكل" (2/ 142) .
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
هل لي أن أجهر في غير الصلاة الجهرية ؟
فأجاب : " السنة : السر، لكن لو جهر ببعض الآيات : لا بأس ، كان النبي صلى الله
عليه وسلم يسمعهم الآية أحيانا ، في الظهر والعصر، لكن الأفضل في الظهر والعصر :
السر ، وفي الليل : الجهر ، وفي الفجر : الجهر .. " انتهى .
"فتاوى نور على الدرب" (8/ 224-225) .
ثانيا:
هذا الجهر بالآية ونحوها : هو جهر عارض في القراءة ، وليس مقصودا لذاته ، فيما يظهر
، كما يقصد رفع الصوت والجهر به في الصلوات الجهرية ، وإسماع المأمومين قراءة
الإمام على وجهها ، ولهذا كان الوارد فيه : الجهر بالآية ، أحيانا ، فليس هو جهرا
راتبا دائما ، وليس هو كذلك جهرا بالسورة التي يقرؤها الإمام ، أو سياق الآيات كلها
، وتمام المعنى الذي يراعي الإمام قراءته .
قال القاري رحمه الله :
" قال الطِّيبِيُّ : أَيْ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِبَعْضِ الْكَلِمَاتِ مِنَ
الْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ ، بِحَيْثُ يُسْمِعُ حَتَّى يُعْلَمُ مَا يَقْرَأُ مِنَ
السُّورَةِ .
قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ : فَيَقْرَأُ نَحْوَهَا مِنَ السُّورَةِ ، فِي نَحْوِهَا
مِنَ الصَّلَاةِ .
وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ : وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لِغَلَبَةِ الِاسْتِغْرَاقِ
فِي التَّدَبُّرِ يَحْصُلُ الْجَهْرُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ ، أَوْ لِبَيَانِ
جَوَازِهِ ، أَوْ لِيُعْلَمَ أَنَّهُ يَقْرَأُ أَوْ يَقْرَأُ سُورَةً بِهَذَا
لِيَتَأَسَّوْا بِهِ " انتهى من "مرقاة المفاتيح" (2/ 688) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" وهذا التسميع إما ليعلم الناس أن النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ شيئاً بعد
الفاتحة , وإما أن ينبه الناس بعض الشيء ؛ لأنه إذا جهر الإمام في صلاة السر انتبه
الناس " انتهى .
"لقاء الباب المفتوح" (101/ 6) بترقيم الشاملة .
ثالثا :
إذا همس الإمام بقراءته حتى أسمع بعض المأمومين ، لم يجب على المأموم الإنصات
لقراءته ، ولا التأمين خلفه ، وذلك لأمور ، منها :
- أن غاية ما يشرع له من ذلك : أن يُسمع نفسه فقط في السرية ، وإنما يُسمع المأموم
بعض قراءته أحيانا ، على ما سبق .
- أنه على تقدير سماع المأمومين كلهم قراءته في السرية ، أو تعمده إسماع المأمومين
خلفه ، كامل قراءته : فهو بذلك في حكم الذي يجهر ، والمشروع هنا : نهيه عن ذلك إذا
اعتاده ، وأمره بالإسرار ؛ لأنه بهذا الجهر يخالف السنة ، ويشغل المصلين ويخلط
عليهم القراءة .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
هل يجوز قلب الصلاة السرية إلى جهرية والعكس ؟
فأجاب :
" خلاف السنة , وإن اتخذ الإنسان ذلك سنة ، قلنا : أنت مبتدع , يعني : لو جهر في
صلاة الظهر على أن هذا سنة ، قلنا : أنت مبتدع , وإذا كان إماماً : عزلناه ، ما لم
يتب , وإذا أسر في الجهرية واعتقد أن هذا سنة قلنا : هذه بدعة , وعزلناه ما لم يتب
, لكن ليعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم في الصلاة السرية يُسمع الصحابة الآية
أحياناً , فينبغي للإمام ، لا للمأموم ، في الصلاة السرية أحياناً : أن يسمع
المأمومين القراءة , لينبههم على أنه يقرأ " انتهى .
"لقاء الباب المفتوح" (109/ 23) بترقيم الشاملة .
والله أعلم .