الحمد لله.
ثانيا :
النطق بالشهادتين شرط في دخول الإسلام لمن يقدر على النطق بهما .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" فَأَمَّا " الشَّهَادَتَانِ " إذَا لَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِمَا مَعَ الْقُدْرَةِ :
فَهُوَ كَافِرٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ ، وَهُوَ كَافِرٌ بَاطِنًا وَظَاهِرًا
عِنْدَ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا وَجَمَاهِيرِ عُلَمَائِهَا " .
انتهى من "مجموع الفتاوى" (7/ 609)
ثالثا :
" (اللثغة): تحول اللِّسَان من حرف إِلَى حرف، و(لثغ) فلَان لثغا: تحول لِسَانه من
حرف إِلَى حرف غَيره ، كَأَن يَجْعَل السِّين ثاء أَو الرَّاء غينا، فَهُوَ ألثغ
وَهِي لثغاء .
"المعجم الوسيط" (2/ 815) .
وإذا أسلم الألثغ نطق بالشهادتين بحسب ما يقدر عليه ، ولا يضره قلب الراء غينا ،
أو قلب السين شينا ، ونحو ذلك ، ما دام قلبه مطمئنا بالإيمان ، قاصدا للنطق
بالشهادتين ، على ما أمره الله ، ولا يكلفه الله ما لا طاقة له به ، قال تعالى : (
لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا ) البقرة/286 ، وقال سبحانه وتعالى
: ( لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا ) الطلاق/7 .
وقال عز وجل : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن / 16.
قال السعدي رحمه الله :
" هذه الآية تدل على أن كل واجب عجز عنه العبد أنه يسقط عنه ، وأنه إذا قدر على بعض
المأمور وعجز عن بعضه فإنه يأتي بما يقدر عليه ، ويسقط عنه ما يعجز عنه ، ويدخل تحت
هذه القاعدة الشرعية من الفروع ما لا يدخل تحت الحصر " انتهى من "تفسير السعدي" (ص
868) .
وروى البخاري (7288) ، ومسلم (1337) - واللفظ له - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله
عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا
أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ
عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ ) .
وقال ابن القيم رحمه الله :
" إذا عجز المكلف عن جملة المأمور به أتى بما يقدر عليه منه " .
انتهى من "مدارج السالكين" (1 /382) .
رابعا :
الخَرَسُ : ذَهَابُ الْكَلَامِ عِيّاً أَو خِلْقَةً ، وَهُوَ أَخْرَسُ، وهي خرساء .
"لسان العرب" (6/ 62) .
فالأخرس إذا أراد أن يسلم لم يشترط عليه نطقه بالشهادتين ، إذ كان عاجزا عنه .
ومثله : الأعجمي ، وكل من كان عاجزا عن النطق بالشهادتين ، أو غيرهما من الواجبات
القوليه ، لم يكن عليه أن يتكلف ما لا طاقة له به .
قال ابن القيم رحمه الله :
" مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرْعِ الْكُلِّيَّةِ أَنَّهُ : " لَا وَاجِبَ مَعَ عَجْزٍ،
وَلَا حَرَامَ مَعَ ضَرُورَةٍ " .
انتهى من" إعلام الموقعين" (2/ 17) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وأما الأخرس: فليس من شرط إيمانه نطق لسانه " انتهى من "المسائل والأجوبة" (ص
131)
وقال القاضي عياض رحمه الله :
" ومذهب أهل السنة : أن المعرفة مرتبطة بالشهادتين ، لا تنفع إحداهما ولا تُنجى من
النار دون الأخرى ، إلا لمن لم يقدر عليها من آفة بلسانه ، أو لم تمُهله المدة
ليقولها حتى اخْتُرم " انتهى من "إكمال المعلم بفوائد مسلم"(1/ 253-254) .
ويكون إسلامه بالكتابة إذا كان يستطيعها ، أو الإشارة بما يدل على صحة دخوله في
الإسلام عن رضا وقبول .
روى أحمد (7906) ، وأبو داود (3284) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : " أَنَّ رَجُلًا أَتَى
النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَارِيَةٍ سَوْدَاءَ أَعْجَمِيَّةٍ ،
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ عَلَيَّ عِتْقَ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ ، فَقَالَ
لَهَا رَسُولُ اللهِ : ( أَيْنَ اللهُ؟ ) فَأَشَارَتْ إِلَى السَّمَاءِ
بِإِصْبَعِهَا السَّبَّابَةِ ، فَقَالَ لَهَا: ( مَنْ أَنَا؟ ) فَأَشَارَتْ
بِإِصْبَعِهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ وَإِلَى السَّمَاءِ، أَيْ: أَنْتَ رَسُولُ
اللهِ، فَقَالَ: ( أَعْتِقْهَا ) .
حسنه الذهبي في "العلو" (ص16) ، وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" .
قال الأبي رحمه الله في "جواهر الإكليل" (2/ 52) :
" ... النطق بها شرط في صحته ، إلا لعجز بخرس أو نحوه ، مع قيام القرينة على تصديقه
، فيحكم له بالإسلام، وتجري عليه أحكامه " انتهى .
وينظر: "الموسوعة الفقهية" (4/ 278) .
وينظر للفائدة والاستزادة جواب السؤال رقم : (213606) .
والله تعالى أعلم .