الحمد لله.
ثانيا :
لا حرج عليك أن تنقل لغيرك ما علمته من العلم ، بشرط :
- التأكد من المسائل ونقلها من مصادر العلم الموثوقة .
- أن تكون متأكدا من صحة فهمك لما تنقله ، حتى لا تخطئ في النقل .
ولا يشترط في ناقل العلم أن يكون عالما مجتهدا ، ولكن يشترط أن يكون فاهما لما ينقل ، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( أيها الناس إني قائل لكم مقالة ... فمن عقلها ووعاها فليحدث بها حيث انتهت به راحلته ، ومن خشي أن لا يعقلها فلا أحل لأحد أن يكذب علي ) أخرجه البخاري (6830) .
قال ابن بطال رحمه الله :
" (فمن عقلها ووعاها فليحدث بها) يعنى على حسب ما وعى وعقل .
وفيه : الحض لأهل الضبط والفهم للعلم على تبليغه ونشره .
وفى قوله : (ومن خشى ألا يعقلها فلا أحل له أن يكذب علىَّ) : النهى لأهل التقصير والجهل عن الحديث بما لم يعلموه ولا ضبطوه " انتهى من "شرح صحيح البخاري" (8/459) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ما حكم الإفتاء إذا علمت فتوى السؤال من شيخ من كبار العلماء ؟
فأجاب: "الإفتاء بقول بعض العلماء الذين تثق بهم لا بأس به ، ولكن لتكن صيغة الإفتاء بقولك: قال فلان كذا وكذا ، إذا كنت متيقنا من قوله ، ومن أن هذه الصورة التي سئلت عنها هي التي يقصدها هذا العالم .
وأما أن تفتي به جزما : فهذا لا ينبغي ؛ لأنك إذا أفتيت به جزما نسبت الفتوى إليك ، وأما إذا نقلتها عن غيرك ، فأنت راو تسلم من تبعة هذه الفتوى ، وتسلم من أن ينسب إليك ما لست أهلا له .
فالإنسان المقلد ينبغي له أن ينسب القول إلى من قلده لا إلى نفسه ، بخلاف الذي يستدل على حكم المسألة من الكتاب والسنة ، وهو من أهل الاستدلال : فلا بأس أن يفتي ناسبا الشيء إلى نفسه " انتهى من " مجموع فتاوى ورسائل العثيمين " (26/409) .
على أنه لو أمكنك أن تعرض المسألة التي وردت إليك ، والجواب الذي وصلت إليه من كلام أهل العلم ، على شيخ قريب منك ، أو طالب علم متقدم : ليطمئنك على صحة فهمك ، ومطابقة الجواب للصورة المسؤول عنها : فهو أفضل ، وأحوط لك .
وإن تعذر عليك ، فلا تضيع فائدة تيقنتها من كلام أهل العلم ، لأجل ما تتخوفه .
وينظر جواب السؤال (103895) .
والله أعلم .