هل المعقمات التي تكون في المشفى وأماكن التدريب الصحي تكون في مرتبة العطور التي لا يجوز للمرأة أن تمسها إذا كان هناك من قد يشمها من الرجال؟ فأنا طالبة طب ، فمثلا قبل أسبوع أخذت دورة عن الإسعافات الأولية والإنعاش القلبي ، وكان من يلقي الدورة دكتور ( رجل )، وبعض الأحيان كان يجعلنا نطبق ما تعلمناه ، وأيضا يضع لنا المعقمات حتى نتعود بأن نستخدمها فورا بعد تعاملنا مع جرح المريض ، حتى نعقم أنفسنا ، وهذه المعقمات فيها رائحة مثل رائحة الصابون ، عطرية إلى حد ما .
فهل لأني وضعت المعقم أعتبر تعطرت أمام الرجال ؟
مع أني لا أضعها للتزين ، وأيضا فيها رائحة المادة المعقمة ، ولكن فيها أيضا رائحة معطرة قليلا ، فماذا يجب علي ؟
الحمد لله.
بداية نسأل الله لك التوفيق والنجاح ، وأن يحبب إليك طاعته ، ويكره إليك معصيته .
ثم لا حرج عليك في استعمال المعقم الطبي ، ولو أصابك بسببه بعض المعطر فيه ؛ فالمقصود هو التعقيم وليس العطر والطيب ، والتعقيم ضرورة طبية ماسة بحسب تعليمات السلامة الطبية ، كي تمنع انتشار الأمراض والأوبئة ، وتحمي الجروح من المضاعفات السيئة ، ولا يجوز إسقاط هذه الضرورة لأمر تحريمه تحريم وسائل ، وليس تحريم مقاصد .
هذا لو افترضنا ثبوت التحريم في الصورة المذكورة في السؤال ؛ فكيف وشروط التحريم فيه غير منطبقة ؟!
وذلك أن عطر المعقمات عطر ضعيف غير نفاذ ولا منتشر ، فلا يلبث أن يختفي بعد دقائق معدودة ، وتختلط رائحته بالرائحة القوية النفاذة للمعقم نفسه ، فيضعف تأثير العطر -إن وجد- ، ولا يعود يُلْتفت إليه من قبل الرجال في عامة الأحوال ، وخاصة في المستشفيات التي تنتشر فيها روائح المطهرات والمنظفات المستعملة في أروقتها ، ويعتاد فيها العاملون على استعمال المعقمات في أيديهم .
وإذا كان الفقهاء قد أجازوا للمرأة استعمال ما يقطع الرائحة الكريهة عن بدنها ، وإن ظهرت له رائحة عطرية يسيرة ؛ لأن مصلحة إزالة الرائحة الكريهة أعظم من مفسدة العطر اليسير غير المثير ولا الفاتن ، فمن باب أولى أن نقول بجواز استعمالها معقم اليدين رغم ما له من رائحة ، للأسباب التي سبق شرحها .
جاء في الحاشية على " نهاية المحتاج " (2/340) من كتب الشافعية :
" يسن لها قطع الرائحة الكريهة ، وإن ظهر لما تزيل به ريح ، حيث لم يتأت إلا به " انتهى.
وقد سبق تقريره في الفتوى رقم : (155211) .
والله أعلم .