الحمد لله.
نُسٍبَ كتاب العالم والمتعلم لأبي حنيفة، وقد نسبه إليه ابن النديم في "الفهرست" (ص251) ، وإسماعيل البغدادي في "هدية العارفين" (2/495) ، وحاجي خليفة في "كشف الظنون" (2/1437) .
وقد طبع الكتاب بتحقيق محمد زاهد الكوثري ، سنة (1368) هـ .
وذكر الكوثري في مقدمة التحقيق أن للكتاب ثلاثة أسانيد ، فقال :" أما كتاب "العالم والمتعلم" رواية أبي مقاتل عن أبي حنيفة فيرويه الموفق المكي في المناقب كتابة ، عن أبي حفص عمر بن محمد النسفي ، عن أبي علي الحسن بن عبد الملك النسفي ، عن جعفر بن محمد المستغفري النسفي ، عن أبي عمر ومحمد بن أحمد النسفي ، عن الإمام أبي محمد الحارثي البخاري ، عن محمد بن يزيد ، عن الحسن بن صالح ، عن أبي مقاتل عن أبي حنيفة .
(ح) وعن أبي حامد محمد بن أبي الربيع المازني المقرئ قراءة ، عن أبي العلاء حامد بن إدريس ، عن أبي المعين ميمون بن محمد النسفي ، عن أبي طاهر المهدي بن محمد الحسيني ، عن أبي يعقوب يوسف بن منصور السياري ، عن أبي الفضل أحمد بن علي السليماني البيكندي ، عن أبي سعيد حاتم بن عقيل الجوهري ، عن الفتح بن أبي علوان ومحمد بن يزيد ، قالا أنبأنا الحسن بن صالح ، عن أبي مقاتل ، عن أبي حنيفة .
(ح) وبعلو عن أبي حفص النسفي عن أبي يعقوب السياري بسنده .
وفي نسخة دار الكتب المصرية يرويه ابن قاضي العسكر أبو الحسن علي بن خليل الدمشقي ، عن أبي الحسن برهان الدين علي بن الحسن البلخي ، عن أبي المعين النسفي ، عن أبيه محمد النسفي ، عن عبد الكريم بن موسى البزدوي النسفي ، عن أبي منصور الماتريدي ، عن أبي بكر أحمد بن إسحاق الجوزجاني ، عن أبي سليمان موسى بن سليمان الجوزجاني ، وعن محمد بن مقاتل الرازي ، وهما عن أبي مطيع الحكم بن عبد الله وأبي عصمة عصام بن يوسف البلخيين ، وهما عن أبي مقاتل حفص بن سلم السمرقندي عن الإمام أبي حنيفة ". اهـ
ونقل عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي السمعاني المروزي في "المنتخب من معجم شيوخه" (ص341) ، إسناده إلى الكتاب أيضا ، فقال :" كتاب العالم والمتعلم لأبي حنيفة رحمه الله ، قال: أبنا به أبو يعقوب يوسف بن منصور السياري الحافظ ، بقراءة والدي عليه ، ثنا أبو الفضل أحمد بن علي السليماني ، أبنا أبو سعيد حاتم بن عقيل المهتدي الجوهري ، ثنا الفتح بن أبي علوان ، وعمرو بن يزيد الكلاباذي ، قالا: ثنا الحسن بن صالح ، عن أبي مقاتل السمرقندي، عن أبي حنيفة النعمان بن ثابت ". اهـ
وإسناد الكتاب يدور حول " أبي مقاتل حفص بن سلم السمرقندي " ، وهو متروك متهم بالوضع والكذب.
قال ابن حبان في "المجروحين" (1/256) :" كَانَ صَاحب تقشف وَعبادَة، وَلكنه يَأْتِي بالأشياء الْمُنكرَة الَّتِي يعلم من كتب الْحَدِيث أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا أصل يرجع إِلَيْهِ ، سُئِلَ بن الْمُبَارك عَنْهُ فَقَالَ : خُذُوا عَن أَبِي مقَاتل عِبَادَته وحسبكم ، وَكَانَ قُتَيْبَة بْن سَعِيد يحمل عَلَيْهِ شَدِيدا ويضعفه بِمرَّة ، وَقَالَ كَانَ لَا يدْرِي مَا يحدث بِهِ وَكَانَ عَبْد الرَّحْمَنِ بْن مهْدي يكذبهُ ". اهـ
وقال الذهبي في "ديوان الضعفاء" (1050) :" واه ". اهـ
ونقل الذهبي في "ميزان الاعتدال" (2120) :" قال السليماني: حفص بن سلم الفزاري - صاحب كتاب " العالم والمتعلم " - في عداد من يضع الحديث ". اهـ
وقد نص كثير من المحققين أنَّ الكتاب لا تصح نسبته لأبي حنيفة رحمه الله .
وممن نصًّ على ذلك بروكلمان في "تاريخ الأدب العربي" (3/237) ، والشيخ محمد شاه أنور الكشميري في "فيض الباري" (1/134) ، والمعلمي اليماني في "الأنوار الكاشفة" (318).
ثم إن في الكتاب نصوصا تخالف ما روي عن أبي حنيفة في ذمه علم الكلام ، وغير ذلك ، مما يقوي أنه ليس من تصنيفه ، والله أعلم .
وهذا الذي رجحه الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه "أبو حنيفة ، حياته وعصره ، آراؤه وفقهه" ( ص26) .
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم (110360) .
والله أعلم .