الحمد لله.
الظاهر من سؤالك أن هذا القروب أصله للتواصل والسؤال عن الحال، وتبادل أخباركم الاجتماعية.
وما يحصل فيه من نشر بعض المخالفات فينظر، هل هي الأغلب السائد؟ أم إنها شيء عارض؟
فإن كان عارضاً وليس أصلاً، ولا من أجله تم إنشاء القروب -وهو الظاهر- فإن بقاءك أفضل من خروجك، لأسباب:
أولاً:
أنك لا تقرهم على المخالفات ، بل تبين لهم. وهذا بحد ذاته مقصد هام من وجودك، وإذا لم يتمكن الإنسان من إزالة المنكر، فلا أقل من تخفيف الشر، وما لا يدرك كله لا يترك جله، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
ثانياً:
وجودك بالقروب يمكّنك من نشر المقاطع والأشياء الهادفة المؤثرة بين الفينة والأخرى، فالنفوس لها إقبال وإدبار، فتقع في نفوس بعضهم موقعاً ينتفع به. وليكن من غير إكثار في النصح والتذكير ، فهذا مما ينفر ويزيد تعقيد الأمور، وينبغي أن تختار الأساليب غير المباشرة، وحالات الاستعداد النفسي لديهم، فعن ابن مسعود قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة في الأيام ، كراهة السآمة علينا) رواه البخاري (68).
قال الخطابي رحمه الله: "قوله: (يتخولنا) ، معناه : يتعهدنا، أي : يراعي الأوقات في موعظته، ويتحرى منها ما يكون مظنة القبول" انتهى من "أعلام الحديث-شرح صحيح البخاري-" (1/ 194).
ولا توجه مقاطعك وحديثك في مواجهة ما ترى من مخالفات؛ بل لتكن مبادرة منك فيما يستميل قلوبهم من الخير والتذكير.
ثالثاً:
بقاؤك يحقق لك القدرة على الإحسان إليهم بالسؤال عن أحوالهم والتلطف بالحديث معهم، فإنّ معالجة مثل هذه الحالات يحتاج إلى صبر وحكمة، فيكون الإحسان إليهم والقرب منهم طريقك إلى قلوبهم لقبول ما تقول، فالإحسان يمنحك فرصة كبيرة لترشيد الوضع الخاطئ، فالإحسان فهو مفتاح القلوب، وهذا ما مكّن يوسف عليه السلام من أن يكون مرجعية لمن كان معه في السجن، حيث عللوا ذلك بقولهم: (إنا نراك من المحسنين). هذا من أفضل المدخل لتغيير الآخرين والارتقاء بهم.
رابعا :
وأما كون هذا القروب مجلس معصية ، فلا يظهر لنا ذلك، بحسب ما وصفته؛ فإن الأصل فيه أنه أنشئ من أجل التواصل بين أفراد العائلة ، ثم إن وَجدتَ فيه منشورا فيه معصية فلا تلتفت إليه ، وتجاوزه ، فهذا بمنزلة مفارقة مكان المعصية ، ويمكنك التواصل على الخاص بمن ينشر مقاطع فيها مخالفات شرعية ، فإن النصح سرا أقرب للقبول من النصح علانية .
ثم .. إن كثرت المنكرات ، ورأيت أنهم لا يستجيبون لنصحك ، وخشيت على نفسك من تلك المنكرات ، فالأسلم لك حينئذ أن تخرج من القروب ، مع بقاء التواصل معهم .
والله أعلم