أكرمني الله تعالى بعمرة، وأتممت الإحرام و الطواف والسعي، و لكن قطعت جزء يسيرا صغيرا من جلد شفتي يابس بعد إتمام السعي في الصفا والمروة قبل حلق شعري، بعدها مباشرة حلقت شعري
ظننا مني أنه يجوز التحلل سواء بقص الأظافر أو قطع الجلد أو حلق الشعر، فهل علي كفاره؟
الحمد لله.
أولا:
التحلل من العمرة يكون بحلق الشعر أو تقصيره، ولا يكون بقص الأظافر أو الأخذ من الجلد.
والحلق أو التقصير: واجب من واجبات العمرة.
قال في "منار السبيل" (1/ 261): "(وأركان العمرة ثلاثة: الإحرام) وهو نية الدخول فيها، لحديث "إنما الأعمال بالنيات".
(والطواف. والسعي) لقوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} 1 {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} الآية2. ولحديث "اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي"، وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "من لم يكن معه هدي فليطف بالبيت، وبين الصفا والمروة، وليقصر وليحلل" متفق عليه. وأمره يقتضي الوجوب.
(وواجباتها شيئان: الإحرام بها من الحل) لأمره صلى الله عليه وسلم عائشة أن تعتمر من التنعيم وقال في الشرح: ومن أراد العمرة من أهل الحرم خرج إلى الحل، فأحرم منه، وكان ميقاتاً له. لا نعلم فيه خلافاً.
(والحلق أو التقصير) لقوله "وليقصر، وليحلل" [متفق عليه]" انتهى.
ثانيا:
قص الأظافر من محظورات الإحرام، فلا يجوز فعله قبل التحلل، ومن فعله عالما ذاكرا فعليه الفدية، ومن فعله جاهلا أو ناسيا فلا شيء عليه.
وفي "الموسوعة الفقهية" (2/ 159): " يحظر على المحرم قص الظفر، قياسا على حلق الشعر، بجامع الترفه، وإزالة الشعث في كل منهما، اتفاقا" انتهى.
ثالثا:
أما الأخذ من الجلد فليس محظورا في الإحرام.
قال ابن قدامة رحمه الله: " وإن كشط من جلده قطعة عليها شعر، أو قطع إصبعاً عليها ظفر، فلا فدية عليه؛ لأنه زال تبعاً لغيره، فلم يضمنه" انتهى من "الكافي" (1/ 497).
وفي "حاشية الجمل على شرح المنهج" (2/ 512): " ولو كشط جلد رأسه، أو قطع يده، أو بعض أصابعه، وعليه شعر وظفر: فلا فدية عليه؛ لأنهما تابعان غير مقصودين" انتهى.
ولعله التبس عليك ما يمنع منه المضحي، بما يحظر في الإحرام، وذلك أن من أراد أن يضحي منع من الأخذ من شعره أو ظفره أو بشره (أي جلده) شيئا، من أول ذي الحجة حتى يضحى، كما روى روى مسلم (1977) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ ) وفي لفظ له : ( إِذَا دَخَلَتْ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا ).
والاختلاف بين المحرم والمضحي ظاهر من وجوه، بينها الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.
قال: " الاختلاف ظاهر لما يلي:
أولاً: المحرم لا يحرم عليه إلا أخذ الرأس، وما سواه فإنه بالقياس، وهذا الحديث [أي في المنع المضحي من أخذ شعره] عام للرأس وغير الرأس.
ثانياً: المحرم لا يحرم عليه أخذ شيء من بشرته، وهذا يحرم.
ثالثاً: المحرم عليه محظورات أخرى غير هذا، فالإحرام أشد وأوكد فلذلك وجبت الفدية فيه، أما هذا فإنه لا فدية فيه" انتهى من "الشرح الممتع" (7/ 489).
والحاصل: أنه لا شيء عليك فيما أخذت من جلد شفتك.
والله أعلم.