أود أن أسأل عن وضع المال الذي استخدم لتسجيل والدي في الحج، لقد سجلت أنا وأخي حجًا لأبي باستخدام أموالنا الشخصية، لكن، قبل أن يتمكن والدي من أداء الحج، توفي، هل المال الذي استخدم لتسجيل الحج يعتبر جزءًا من التركة التي يجب تقسيمها على الورثة الآخرين، أم أن هذا المال يجب أن يُعاد إلينا نحن الذين دفعنا المال؟
الحمد لله.
ما دفعتم من مال لحج والدكم رحمه الله، فيه تفصيل:
1-فإن دفعتموه له على سبيل الهبة والإحسان، وقد قبض المال، أو أعطيتموه لجهة الحج، وأعلمتم به والدكم، فإنه يكون تركة بعد وفاته؛ لأن الهبة تملك بالقبض، فقد صار المال جزءا مما يملك، فيقسم على جميع ورثته.
قال البهوتي رحمه الله: ” (وتلزم بالقبض بإذن واهب)؛ لما روى مالك عن عائشة رضي الله عنها: ” أن أبا بكر رضي الله عنه: نحلها جذاذ عشرين وسقا من ماله بالعالية، فلما مرض قال: يا بنية كنت نحلتك جذاذ عشرين وسقا ولو كنت حزتيه أو قبضتيه، كان لك، فإنما هو اليوم مال وارث، فاقتسموه على كتاب الله تعالى” انتهى من ” الروض المربع على زاد المستقنع ” ص 298.
ومع أن هذه الهبة كانت هبة مراعاة، يقصد بها: الإعانة على الحج، وليست هبة مطلقة؛ إلا أن هذا التقييد بكونها للحج، ونحوه: قد زال بموت الوالد، وثبتت في ملكه، وزال هذا الشرط المفهوم من صرفها إلى الحج.
إذا مات الموهوب له قبل التنفيذ، انتقل المال لورثته مطلقا بلا شرط، كما نص عليه الشافعية، ولا يعود المال للواهب.
قال ابن حجر الهيتمي في “تحفة المحتاج” (6/ 309): “(فرع): أعطى آخر دراهم ليشتري بها عمامة مثلا، ولم تدل قرينة حاله على أن قصده مجرد التبسط المعتاد= لزمه شراء ما ذكر، وإن ملكه؛ لأنه ملك مقيد يصرفه فيما عيّنه المعطي.
ولو مات قبل صرفه في ذلك: انتقل لورثته ملكا مطلقا، كما هو ظاهر؛ لزوال التقييد بموته، كما لو ماتت الدابة الموصى بعلفها قبل الصرف فيه، فإنه يتصرف فيه مالكها كيف شاء، ولا يعود لورثة الموصي ” انتهى.
2-وإن دفعتموه على سبيل القرض، أو نويتم الرجوع والمطالبة به، فإن هذا المال صار ملكا لوالدكم، ودينا عليه، فتأخذونه من التركة قبل تقسيمها؛ لأن الدين يقدم على تقسيم التركة؛ لقوله تعالى في قسمة المواريث: (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ) النساء/11.
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (2/ 201) ” الدين مقدم على الوصية، وبعده الوصية ثم الميراث، وهذا أمر مجمع عليه بين العلماء ” انتهى.
والله أعلم.