هل تشرع التسمية قبل قتل الحشرات كالصراصير والنمل والذباب والحيوانات، سواءً كانت من الفواسق أم غيرها؟ فهل نسمي قبل قتلها؛ لاحتمال أن يكون جنيا، أم نقتله مباشرة إذا كان من الفواسق بدون تسميه، وإذا كان من غير الفواسق نسمي إذا كان حيوان أو حشرة مؤذيه ولا تندفع إلا بالقتل، أم نقتل بدون تسميه؟
الحمد لله.
أولاً:
أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الفواسق ولم يأمر بالتسمية عند الأمر بقتلها، ولو كان مشروعا لبينه، كما لم يرد -حسب علمنا- في دليل مستقل. ولو كان مشروعاً لبينه ، إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.
فعن عائشة رضي الله عنها عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: (خَمْسٌ فَوَاسِقُ، يُقْتَلْنَ فِي الحَرَمِ: الفَأْرَةُ، وَالعَقْرَبُ، وَالحُدَيَّا، وَالغُرَابُ، وَالكَلْبُ العَقُور)ُ رواه البخاري (3136)، ومسلم (1198).
كما أمر بقتل الوزع فعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: (مَنْ قَتَلَ وَزَغَةً فِي أَوَّلِ ضَرْبَةٍ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا حَسَنَةً، وَمَنْ قَتَلَهَا فِي الضَّرْبَةِ الثَّانِيَةِ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا حَسَنَةً، لِدُونِ الْأُولَى، وَإِنْ قَتَلَهَا فِي الضَّرْبَةِ الثَّالِثَةِ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا حَسَنَةً، لِدُونِ الثَّانِيَة) رواه مسلم (2240)
ثانياً:
ورد التحريج عند قتل حيات البيوت دون غيرها، والتحريج غير التسمية.
فعن أبي سعيد الخدري قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: (إِنَّ لِهَذِهِ الْبُيُوتِ عَوَامِرَ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ شَيْئًا مِنْهَا فَحَرِّجُوا عَلَيْهَا ثَلَاثًا، فَإِنْ ذَهَبَ، وَإِلَّا فَاقْتُلُوهُ، فَإِنَّهُ كَافر) رواه مسلم (2236).
قال ابن الجوزي رحمه الله:
” (فحرجوا عَلَيْهَا) أَي قُولُوا: أَنْت فِي حرج – أَي فِي ضيق – إِن عدت إِلَيْنَا، فَلَا تلومينا أَن نضيق عَلَيْك بالطرد والتتبع” انتهى من “كشف المشكل من حديث الصحيحين” (3/ 175).
وقال أبو العباس القرطبي رحمه الله:
“قال مالك: يكفي في الإنذار أن يقول: أحرِّج عليك بالله واليوم الآخر ألا تبدو لنا، ولا تؤذينا” انتهى من “المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم” (5/ 538).
وهذا خاص بحيات البيوت دون غيرها
فعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: “أَنَّه سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: فَلَبِثْتُ لَا أَتْرُكُ حَيَّةً أَرَاهَا إِلَّا قَتَلْتُهَا” رواه البخاري (3299)، ومسلم (3233).
والحاصل:
أن الذي يخشى من أن يكون من الجان: إنما هي الحيات التي تكون في البيوت، فقط.
والذي شرع قبل قتل هذه الحيات: إنما هو “التحريج”؛ يعني: أن يضيق عليها، ويجعلها في حرج، إن هي بقيت في البيت.
وشرح التحريج ثلاثا، ثم يقتلها بعد ذلك، بلا تسمية، ولا تحريج، لأنه أعذر، إذ فعل المشروع في حقه؛ وهي اعتدت عليه في بيته.
ولا أصل للتسمية عليها، أو على غيرها من المؤذيات عند قتلها؛ لأن التسمية إنما شرعت عند الذبيحة التي تذبح، لتؤكل؛ فرقا بينها وبين الميتة.
والله أعلم